مركز نور السادة الروحي
         
 
     

:: مركز نور السادة الروحي ليس لديه أي مواقع آخرى على شبكة الأنترنت، ولا نجيز طباعة ونشر البرامج والعلاجات إلا بإذن رسمي ::

::: أستمع لدعاء السيفي الصغير  :::

Instagram

العودة   منتديات نور السادة > خدمــات نــور الســادة > قسم سؤال وجواب (مختص بالجانب الروحي العام)
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

قسم سؤال وجواب (مختص بالجانب الروحي العام) قسم خاص بالأسئلة والإستفسارات الروحية العامة .

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع
قديم 07-22-2022, 11:50 AM   رقم المشاركة : 1
أدركني ياباب الله
منتسبة ( مدرسة السير والسلوك )
 
الصورة الرمزية أدركني ياباب الله







أدركني ياباب الله غير متواجد حالياً

افتراضي التفكر

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نحن نعرف ما للتفكر من آثار روحية على السالك إذ يعد من أهم الوسائل في رقي العبد في طريق الكمال،الأمر الذي أتساءل عنه ويشغلني أنه كيف نتخذ هذه العبادة الراقية كعادة يومية لانستغني عنها وكيف نمارسها،كي نرتقي بها للقرب الإلهي،يعني كيف أختار الشيء الذي أفكر فيه !!أريد أن أفهم هذه العبادة بطريقة صحيحة، هل هناك طرائق متعددة!!هل يعدّ التدبر والقراءة المتأملة من وسائل التفكر!!أتمنى توضيح هذا الأمر بالتفصيل للإستفادة الجيدة لي وللأخوة والأخوات المتابعين شاكرين لكم جهودكم المباركة؟!







التوقيع

اللهم صلّ على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين

بداية السير والسلوك
من ٢٠٢٢/٥/٢٠إلى٢٠٢٢/٦/٢٨
الغاية من الإنضمام للمدرسة

( طلباً للأنس بالقرب الإلهي والإرتشاف من كأس محبته تعالى وتخليص القلب من وثاق حبّ الدنيا وسلامته من الآفات ونيل شرف التوحيد ومعرفته تعالى بمعرفة محمد وآل محمد)
البرنامج الثاني للسير والسلوك
من ٢٩يونيو إلى ٧أغسطس٢٠٢٢
البرنامج الثالث للسير والسلوك
من ٨ أغسطس إلى ١٦ سبتمبر
البرنامج الأول للمدرسة الروحية
من ٢٦ سبتمبر إلى ٤ نوفمبر
البرنامج الثاني للمدرسة الروحية
من ٦ نوفمبر إلى ١٥ ديسمبر
إعادة البرنامج الثاني للمدرسة الروحية
من ٢٦ديسمبر /٢٠٢٢إلى ٣ فبراير ٢٠٢٣
إعادة برنامج السير والسلوك الأول
من ٧ أغسطس إلى ١٥ سبتمبر٢٠٢٣
البرنامج الثاني للسير والسلوك
من ١٦ سبتمبر إلى ١ نوفمبر
 
قديم 07-22-2022, 10:37 PM   رقم المشاركة : 2
مجيب السائل
إدارة منتدى نور السادة







مجيب السائل غير متواجد حالياً

افتراضي رد: التفكر

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف وعجّل فرجهم يا كريم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


اقتباس:
نحن نعرف ما للتفكر من آثار روحية على السالك إذ يعد من أهم الوسائل في رقي العبد في طريق الكمال،الأمر الذي أتساءل عنه ويشغلني أنه كيف نتخذ هذه العبادة الراقية كعادة يومية لانستغني عنها وكيف نمارسها،كي نرتقي بها للقرب الإلهي،يعني كيف أختار الشيء الذي أفكر فيه !!أريد أن أفهم هذه العبادة بطريقة صحيحة، هل هناك طرائق متعددة!!هل يعدّ التدبر والقراءة المتأملة من وسائل التفكر!!أتمنى توضيح هذا الأمر بالتفصيل للإستفادة الجيدة لي وللأخوة والأخوات المتابعين شاكرين لكم جهودكم المباركة؟!
- إن أردتم التفصيل في هذا الموضوع يمكنكم الإطلاع على كتاب التفكر تأليف الشهّيد دستغيب ( وسننقل لكم نص الكتاب ) ، كما يمكنكم مراجعة كتاب جامع السعادات - محمد مهدي النراقي ( ج ١ ) في فرعي (الخاطر المحمود والتفكر - مجاري التفكر في المخلوقات نصيحة ) .


نص كتاب التفكر للسيد دستغيب :-

الفكر معيار قيمة الإنسان

تقاس قيمة الإنسان بما يحمله من أفكار في الأمور المعنوية؛ فهو بواسطة هذا الفكر يتجاوز حدود الحيوانية والصغائر، ليرقى إلى الدرجات الإنسانية العليا؛ والترقّي المعنوي لابن آدم إنّما يتحقّق بفضل تفكيره في الأمور الباقية. يقول الشاعر:

يبقى.. فلست سوى عظام وعروق
معيار شخصك بالتفكّر في الذي

ولدينا آيات متعددة في القرآن المجيد، يعبر فيها سبحانه وتعالى أنّ مخلوقاته كافّة إنّما هي أدلّة وآيات حقّ، لمن يتفكّر فيها ويتدبّرها. يقول سبحانه:

(إنّ في ذلك لآيةً لقوم يتفكّرون)[1].

كما يمتدح عزّ وجل أولئك الذين يذكرون الله (.. ويتفكّرون في خلق السموات والأرض)[2].

بل هو يذمّ أولئك الذين يعرضون عن التفكّر والتدبّر بقوله:

(أفلا يتدبّرون القرآن، أم على قلوب أقفالها)؟![3].

التفكّر في المجرّدات مفيد
ما أكثر ما يختلط الأمر على البعض بين موضوع التفكّر، ونسج الخيال؛ فالفكر هو البحث عن العلم واليقين، وعلى أساس (مبادئ معلومة)، للوصول إلى المراد المجهول؛ فما لم ينطلق الفكر من مبدأ صحيح واضح فسيخفف في الوصول إلى النتيجة المتوخّاه، كما سيجر صاحبه ـ إلى حدّ ما ـ للوقوع في نسج الخيال.

ومن التفكّر الذي يبعث على سمّو الإنسان، التفكّر في المجرّدات؛ وإلاّ، فأين ما هو خير من عبادة ستين سنة[4]، وأين ما يدعى بمخّ العبادة[5]؟.

والتفكّر هو المسير من الباطل نحو الحق؛ هو التخلّص من الباطل، والوصول إلى الحقّ نتيجة لهذا التفكّر؛ في حين أنّ الخيال يبلغ بصاحبه إلى ظلمات الجهل والأوهام الباطلة، ويقعد به عن الوصول إلى أي نتيجة.

أوّل التفكّر: التنّبه إلى جهل النفس
أوّل التفكّر والسير في الطريق الصحيح إنّما ينطلق ـ ومنذ البداية ـ بالخروج من الجهل المركّب للنفس؛ أي: اعتراف الإنسان وإحساسه بجهله لأمور كثيرة، وأنّ عليه التصدي لها للخروج من هذا الجهل؛ فيبعث هذا الإحساس لديه تحرّكا يدفعه للتفكّر، وبعد التأمل في النتائج تظهر له موجباتها، ويتضح الطريق أمامه.

وبديهيّ أنّ أدلَّة وبراهين (الميزان) وعلم المنطق والقواعد التي تتصل بهذا الموضوع، هي عوامل مساعدة على الارتقاء بالفكر وتصحيحه، غير أن ما هو أكثر منها أهميّة وبعثاً على الرضا، إنّما هو رعاية الله عزّ وجلّ وعنايته، فالطريق ـ في الحقيقة ـ هو الطريق الذي يرسمه الله جلّ وعلا.

بسم الله الرحمن الرحيم

التحلّي بالتفكُّر والذكر

بعد إزالة عوائق المعرفة الإلهية يجب المداومة على أمرين: التفكُّر والذكر. يقول تعالى في سورة آل عمران: (إنّ في خلق السموات) والكواكب التي تظلِّلنا مع كل تلك الأسرار والعجائب والأرض التي نحيا عليها مع كل هذه المخلوقات العجائب (واختلاف الليل والنهار) بنظام لا تخلف فيه (لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم) وأثناء الراحة. أي أنهم يذكرون الله في كل الحالات (ويتفكرون في خلق السموات والأرض) ويدركون بواسطة التفكر أن عالم الخلق العظيم، لم يخلق عبثاً بل خلق لغرض مهم ذلك هو بلوغ الأشياء مقام المعرفة والعبودية، والوصول في النهاية إلى السعادة الأبديّة فيقولون: (ربّنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك) أنت منزَّه عن فعل ما كان بلا جدوى (فقِنَا عذاب النار) واهدنا سبيل المعرفة والعبودية وثبّتنا.

التفكُّر في خلق السموات والأرض:

(أولم يتفكّروا في أنفسهم ما خلق الله) عالم الخلق الواسع هذا (السموات والأرض وما بينهما إلاّ بالحق) لنتيجة ثابتة لا تزول (لأجل) هو في علم الله (مسمى) وإذا ما حلّ أجل العالم، انعدم وفني، وعاقبة الأمر إنّ عالم الآخرة هو الذي لا يفنى (إنّ كثيراً من الناس بلقاء ربهم) في عالم الآخرة وبلوغ الجزاء على الأعمال (لكافرون).

التقدُّم الدنيوي والتقهقر المعنوي:

قارئي العزيز تأمَّل جيِّداً في هذه الآية الشريفة. هؤلاء عالمون بأعمالهم في الدنيا ومطلعون عليها، يعلمون ظاهر الحياة الدنيا، ويجهلون باطنها وعاقبتها ونتيجة الآخرة[6]. أو ليس أكثر الناس اليوم هم على هذه الشاكلة، علومهم تعود جميعها إلى عالم الدنيا والحياة المادية، ويوجد القليل من الأمور التي لم يحققوا فيها تقدماً مدهشاً؟

مثلاً في علم الزراعة، التشجير، علم النبات، لقد وصلوا بحق إلى حدِّ الكمال، في علم الطبِّ والجراحة وسُبُل تشخيص مرض ودواء الجسم البشري، وتقدموا تقدماً مدهشاً إلى حدّ أنهم يجرون جراحة للقلب أو إنهم يستبدلونه، وفي الصناعة والاختراعات وتأمين وسائل الحياة في هذا العالم اكتشفوا أموراً لم تكن من قبل لتخطر على بالهم، فكيف بهم يصدقون بها، إلى حدِّ أنهم تجاوزوا الأرض، وسخّروا الفضاء، وذهبوا مسافة ثلاثمئة واثنين وعشرِين ألف كيلومتر بعيداً عن كوكب القمر، ولكن للأَسف، فمع كل هذه العلوم التي اكتسبوها عن ظاهر هذا العالم، ما زالوا يجهلون باطنه ومحدثه، لا يصدِّقون بفناء وزوال هذا العالم، مع أنّ باحثي هذا العصر اكتشفوا وقالوا بأن للأرض أجلاً وعمراً إذا ما انتهت إليه بادت وتلاشت. وقالوا: إنّ منظومتنا الشمسية هي في سنيّ الشيخوخة، إنّ فناء كلّ فرد هو من أظهر الأمور حيث لا يخلد هنا أحد ولكن هذا الأمر لا يؤثّر بتاتاً في قلوبهم فيفكروا بالحياة بعد الموت.

إذاً هناك عالمٌ آخر يأتي في ما بعد:

إنهم لا يفكرون في أنّ خلق هذا العالم الذي تملأ أرجاءه الحكمة هو من أجل غرض مهم ونتيجة ثابتة هي أنّ هذا العالم الفاني يعقبه عالم خالد يدخله الناس المخلصون الذين تخلّصوا من الحياة المذهلة في هذا العالم ويحصلون على كامل السعادة أي أنّ يبلغوا راحة لا يعقبها كدر، ولذّة لا تعقبها خيبة، وسروراً لا يعقبه غمّ.

عالم الخلق من أجل معرفة الحق:

الخلاصة إنّ على الإنسان أنّ ينظر ويتفكَّر[7] في نظام خلق السماوات وما فيها والأرض وما عليها، حتى يعلم أنّ خلق كلِّ جزء صغير مما خلق له غرض وحكمة، إذاً فكل عالم الخلق هو من أجل غرض مهم، وللعثور على ذلك الغرض المهم يجب أنْ نفهم ونراجع كلمات الله ورسول الله(ص) وأهل بيته(ع): إنّ عالم الخلق خلق من أجل الإنسان وأن الإنسان أيضاً خلق من أجل معرفة الله والعبودية له، والمعرفة والعبودية هما بمثابة جناحين للإرتقاء إلى المنزلة الرفيعة والوصول إلى الحياة الإنسانية الطاهرة التي فيها من اللذائذ والمباهج ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب[8]. فلا يعلم أحدٌ من الصالحين ما أُعد له من أنعم توجب له ضياء العين، جزاء ما عمل[9].

وبعبارة أخرى فإن هدف الله من إيجاد الإنسان وخلق العالم الفاني الخالد هو:

أولاً: وبالذات إظهار الصفات الجمالية (أي قدرة الله اللامتناهية وفضله وجوده وكرمه) حيث سيظهر كمالها في ما يتعلَّق بالمحسنين والمؤمنين من الناس في عالم الآخرة، وما كان منها في الدنيا هو فقط كنموذج عنها.

ثانياً: إن ظهور صفات الحق الجلالية معناه ـ فرضياً ـ عدل الله الحقيقي وغلبته القاهرة التي تبدو في ما يتعلق بالأشرار والكفّار من أفراد البشر (سوف نذكر إيضاحاً أكثر لهذا الموضوع في مكان مناسب). إنّ الآيات القرآنية التي تأمر بالتفكُّر والتعقُّل والنظر والتدبّر كثيرة جداً نكتفي منها بما ذكرناه.

التفكُّر في الخلق من أفضل العبادات:

يقول أمير المؤمنين(ع) (نبه قلبك بالتفكُّر) ويقول الإمام الصادق(ع): (أفضل العبادة إدمان الفكر في الله وفي قدرته)[10] والإمام الرضا(ع) يقول: (ليست العبادة بكثرة الصلوات والصوم، إنما العبادة التفكُّر في أمر الله).

وروي عن الإمام الصادق(ع) أنه: (كان أكثر عبادة أبي ذر رحمه الله التفكّر والإعتبار)[11]. وكان عليه السلام يقول: (تفكّر ساعة خير من عبادة سنة، إنما يتذكّر أولو الألباب)[12]. ربما يكون هذا الحديث إشارة إلى أنه من الممكن في بعض الأحيان أنّ لا تبلغ قيمة المعرفة التي يكتسبها الإنسان من عبادة سنة دون تفكُّر، تلك التي يكتسبها من تفكّر ساعة في صنع الله. يقول أمير المؤمنين(ع): ((ولو فكّروا في عظيم القدرة وجسيم النعمة لرجعوا إلى الطريق ـ معرفة الله ـ وخافوا عذاب الحريق)[13]. أي إنّهم لأدركوا أنّ ما بعد هذا العالم عالم جزاءٍ وثوابٍ وعقاب ولخافوا من ذلك.

الجذور المتنوَّعة للتفكُّر:

ويقول الإمام أمير المؤمنين(ع) أيضاً: (التفكُّر يدعو إلى البِّر والعمل به)[14] يقول المجلسي(ره) في شرح هذا الحديث: التفكّر المذكور في هذا الحديث المأثور يشتمل على جميع أنواع التفكّر الصحيح.

التفكُّر في عظمة الله الذي يحمل الإنسان على خوف الله وطاعته، والتفكُّر في زوال الدنيا ولذّاتها الذي يحمل الإنسان على تركها وتجنبها،

والتفكُّر في عاقبة الناس الطيبين الذين كانوا فيما مضى حيث يحمل ذلك الإنسان على إتِّباع آثارهم والإقتداء بأعمالهم،

والتفكُّر في عاقبة المذنبين والمسيئين حيث يوجب ذلك الورع عما كانوا يفعلون،

وكذلك التفكّر في عيوب النفس وآفاتها الذي يوجب الإهتمام بإصلاحها،

والتفكّر في أسرار العبادات وأهدافها مما يتسبَّب في الإتيان بها على وجه أفضل،

والتفكّر في الدرجات الأخروية الرفيعة الذي يحمل الإنسان على تحصيلها،

والتفكُّر في الأحكام والمسائل الشرعية الذي يدعو الإنسان إلى العمل بها،

والتفكّر في الأخلاق المرضية الذي يدعو الإنسان إلى تحصيلها التجمُّل بها.

السابقون... أين هم؟
يقول حسن الصيقل: سألت أبا عبد الله(ع) عمّا يرى الناس أنّ تفكّر ساعة خير من قيام ليلة قلت كيف يتفكّر؟ قال(ع) يمر بالخربة أو بالدار فيقول: أين ساكنوك؟ أين بانوك؟ مالك لا تكلمين؟ (ليس فيك من متكلم فالكل قد رحلوا)[15]. يفهم مما مضى تفوُّق الفكر ومراتبه وأنواعه. ولأن التفكّر هو الوسيلة الوحيدة لمعرفة الله، فإننا نذكّر هنا وبشكل مختصر بطريقته.

طريقة التفكّر ومعرفة الله:

على الإنسان أنّ يلفت إلى أنّ كلّ موجود يراه، حقيراً كان أم عظيماً، عليه أنّ يلتفت إلى كينونته آية بحد ذاته[16]، وذلك بأن يفكّر أنّ لكل حادث محدثاً، وأنّ كل متحرك يحتاج إلى محرّك. ولأنه يشاهد أنّ لكل موجود حكمة وهدفاً ومنافع من وجوده، يدرك حينئذٍ أنّ مالك العالم هو صاحب إرادة وعلم وقدرة لا متناهية، وهو سيدرك هذا إذا ما تفكّر خاصة في تلك الموجودات صاحبة الإرادة والعلم والقدرة كالحيوانات أو ما كان منها أرفع شأناً كالإنسان.

الإنسان الذي هو ذو إرادة وشعور، والذي هو واحدٌ من حوادث عالم الخلق، هل يعقل أنْ يكون محدث هذا الإنسان فاقداً للإرادة والشعور؟ بينما هذه الإرادة وهذا الشعور هما أيضاً حادثان أحدثهما خالق، عالم الوجود.

نظرة إلى أجزاء الساعة
مثلاً الساعة التي تشتمل على حلقات وبراغٍ وعزقات كثيرة، وعلى عقارب وصفحة مرقّمة بحيث إنّ في كلّ جزءٍ منها صغيراً كان أم كبيراً خاصية معينة تتوقف الساعة عن العمل بدونها، ويضطرب بذلك سير العمل في هذا الجهاز، هل يمكن لعاقل أنّ يقول إنّ الساعة قد وجدت بنفسها، وأن دوائرها وسائر أجزائها، قد تجمعت فوق بعضها البعض دون تنظيم؟ إن أمراً كهذا لا يمكن حدوثه أبداً بل إنّ كل عاقل إذا ما رأى جهاز الساعة هذه وخصائص أجزائها، يحصل لديه اليقين بأنّ صانعها شخص حيٌّ ذو إرادة وشعور وقدرة وهو لن يتردد في هذا الحكم أبداً.

هل أجهزة الجسم هي أقل شأناً من الساعة؟
إنّ جسم الإنسان بكل تلك الأجهزة المحيّرة التي ينطوي عليها، كجهاز التغذية، والهضم، والتنمية، والتوليد وتصفية الدمّ (القلب) والكبد والكلية والبصر، والسّمع، والأعجب من كل هذا جهاز المخ ومركز الإدراكات و... هل هذه الأجهزة كلها هي أقل شأناً من جهاز ساعة؟ أولاً يجب على الإنسان العاقل أنّ يتيّقن إذا ما رأى ذلك أنّ صانع هذا الجسم ذو إرادة وشعور وقدرة لا متناهية، بينما نفس تلك الساعة وغيرها من المصنوعات البشرية الأخرى، هي أيضاً مخلوقة لرب العالمين... (والله خلقكم وما تعملون)[17]. ذلك أنّ كل ما تصنعه يد الإنسان وأجزاؤه الأساسية هي ذاتها مخلوقة من قبل الله، من إرادة وإدراك وشعور وقدرة، فصانعها كلُّه مخلوقٌ من قبله تعالى.

النّظر على سبيل العادة لا العبرة!!
نعم الواقع إنّ الإنسان منذ أن تلده أمه ويصبح مبصراً، ينظر حوله فيرى موجودات هذا العالم، ولكنه لا يملك في تلك السّن المبكرة، قوة التمييز والتعقل بحيث يتعرف إلى صانعها، ثم إذا ما بلغ بعد ذلك سنّ الرُّشد تكون الموجودات قد فقدت بالنسبة له أية دلالة على علم وقدرة الله اللامتناهيين، ذلك أنه تكون قد مضت عليه سنون متطاوله كان ينظر فيها كل يوم إلى الموجودات من حوله دون أن يأخذ منها العبرة.

الدليل على ذلك أنه إذا رأى موجوداً جديداً لم يكن قد رآه من قبل يصيح على الفور: الله أكبر، ما أعجب ما خلق!! بينما خلقة نفسه أكثر عجباً مما رأى.

على كلّ حال، إن المطلوب من الإنسان إذا ما بلغ سنّ الرشد، أنّ يتنبّه إلى كينونة أنّ كل موجودٍ يراه هو آية، وأن يعتبره دليلاً على قدرة وعلم الله.

(وكأيّن من آية) قدرة وحكمة وتوحيد الله (في السموات والأرض يمرّون عليها وهم عنها معرضون)[18] ويصرفون عنها أنظارهم حتى لا يتعرّفوا بواسطتها إلى الله. يجب التحقيق بدقة في كتاب الخلق حتى تُعلم عظمة ووحدانية خالقه.

العالم كلُّه كتاب الحق تعالى
عند من كانت روحه في تجلٍ


التفكّر في مبدأ خلق الجسم:

كانت قطرة ماءٍ نتنة، تصرفت فيها يد القدرة فخلقت منها أذنا وعيناً[19] ورأساً ويداً ورجلاً ولساناً، وعروقاً وأعصاباً وعظاماً، لحماً وجلداً وغير ذلك. إن على الإنسان أنّ يدقق في حاله الحاضرة. إنه عاجز حتى عن خلق شعرة. الآن هو قادر لكنه في تلك الأثناء عندما كان نطفة كان أعجز مما هو عليه الآن. إذاً هذه الأعاجيب غيره أحدثها فيه وهو الله تبارك وتعالى، فليدرك حينئذٍ حكمة الله من كيفية خلق أعضائه.

فليستدل إلى إحاطة الله بإحاطة النفس
كذلك فليستدل من إحاطة الروح بالبدن، وإطّلاعها على جميع الحالات التي تعرض عليه، على إحاطة الله علماً بكل العوالم، وليستيقن أنّ الله يعلم علماً كاملاً بالحوادث كلها. وكما أنّ الروح لا يمكن إدراكها بواسطة الحواس الظاهرة لأنها ليست مجسّمة إلاّ أنه بالإمكان الإحساس بآثارها في البدن، وآثارها الوجودية تعرف من انعدامها، أي أنه بمجرد إنفصالها عن البدن تزول خصائصه ويتحول بعد مُضي أيام معدودات إلى جيفة نتنة.

كذلك الأمر بالنسبة إلى الله تعالى، فلا يمكن إدراكه بواسطة الحواس الظاهرة، إنما يمكن رؤية وإحساس آثار قدرته وعجائب حكمته متجلية في جسم عالم الوجود.

(يمكنك الإطلاع على المراجع في نسخة الكتاب)

والله أعلم


وفقكم الله لكل خير ببركة محمد و آل محمد عليهم السلام

(يا علي يا علي يا علي(313))






التوقيع

روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال « لا تُعادُوا ما تجهلون؛ فإنّ أكثر العِلمِ فيما لا تعرفون »
( غرر الحكم / ح 10246 ).

 
موضوع مغلق


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



الساعة الآن 03:52 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.