مركز نور السادة الروحي
         
 
     

:: مركز نور السادة الروحي ليس لديه أي مواقع آخرى على شبكة الأنترنت، ولا نجيز طباعة ونشر البرامج والعلاجات إلا بإذن رسمي ::

::: أستمع لدعاء السيفي الصغير  :::

Instagram

العودة   منتديات نور السادة > نـور السـادة أهل البيت (عليهم السلام) > نور الإمام الحُجة القائم (عجّل الله فرجه الشريف)
التسجيل التعليمـــات التقويم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 07-13-2012, 11:45 PM   رقم المشاركة : 1
صفاء نور الزهراء
مــراقــبة عـامـة ( إرشاد ديني )
 
الصورة الرمزية صفاء نور الزهراء








صفاء نور الزهراء غير متواجد حالياً

افتراضي ( يَأْتِينَكَ سَعْياً ) -2-

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف خلق الله سيد الانبياء والمرسلين ابي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم ومنكر فضائلهم من الآن إلى قيام يوم الدين

"
رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ "

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيم (1)

هل يمكن لنا أن نطمع في طموح نبي الله إبراهيم عليه السلام؟

تحدثنا في الدرس السابق حول طلب إبراهيم من الله سبحانه لمرحلة من الاطمئنان الذي لا يمكن أن يناله إلا بأن يجري الله عملية إحياء الموتى على يديه, وهنا يجب أن نلفت لمسألة وهي أننا مطمئنون ولا نشك بأن الله سبحانه يحيي الموتى, لكننا لسنا مأمورين بالوصول إلى درجة اليقين الذي أرادها إبراهيم عليه السلام ولسنا مكلفين بالإيمان بكيفية إحياء الموتى لأنها مرحلة لا يمكننا أن نصل إليها, أو حتى أن نطمح فيها, والسبب أن الإيمان بكيفية إحياء الموتى أمر يعتمد على إدراك الواقع الباطني لبث هذه الحياة, ويعتمد على العلم والإشراف على كيفية الإحياء, بل هو في مرتبة أعلى على مباشرة هذه الكيفية.

ولمزيد من البيان نقول:

قلنا أن نبي الله إبراهيم يعلم أن هناك من سوف يحيي الموتى و(الموتى) محلى بالألف واللام فهو يفيد العموم, بمعنى أن كل هذه الموجودات التي حولنا لها حياة ولها موت, والذي طلبه إبراهيم هو رؤية العمل والدور أو قولوا الولاية التي يؤتاها بشر ويستطيع بها أن يحيي الموتى.
إن الذي يصل إلى مقام الولاية يعرف عناصر الوجود كلها ويستطيع أن يمارس عملية الإحياء ويمـثـّل دور ربوبية الله سبحانه وتعالى بأن يحيي الموتى من كل الموجودات، فعنوان الموتى – كما ذكرنا- يطلق على كل شيء، فالأرض الجرداء مثلا أوتلك التي لا يمكن أن تنبت يعبر عنها بالأرض الميتة, وهذا التعبير ليس مجازيا ولذلك ورد في الرواية ( من أحيا أرضا ميتة فهي له ) الأرض الحية هي التي تعطي ثمارها وتؤتي ما فيها من خير وبركات, وهذا معناه أن عناصرها الوجودية حية ومنتجة ومثمرة ولا يعرف كيفية إحياء الأرض حياة كاملة تامة إلا من يعرف تفاصيل عناصرها الوجودية وهذا لا يتاح لنا، فنحن في الواقع نرى نسبة من الحياة فيها لا غير.
عناصر الوجود تلك هي في كل موجود في هذا الكون, لذا فالماء والهواء والأخلاق والسلوك وكل شيء في هذا الوجود له حياة وله موت, وعناصر الحياة والموت تختلف من موجود لآخر وهذا ما أراد نبي الله إبراهيم أن يراه، وإذا رآه كان أعرف بالعناصر الوجودية والكمالية للأشياء وإذا امتلك هذه المكنة فسوف يبث الحياة في كل الموجودات.
هذا عينه ما يؤتاه مولانا الحجة بن الحسن صلوات الله عليه وآله, فبظهوره تعطي الأرض ثمارها كما هو الوارد عندنا في الروايات المتضافرة ( إذا خرج تخرج الأرض كنوزها، يحثو المال حثواً، ولا يعدّه عدّاً، يملأ الله به الأرض قسطاً وعدلاً) وتكتمل بظهوره العقول ( إذا قام قائمنا وضع يده على رؤوس العباد فجمع بها عقولهم وكملت به أحلامهم) و ( يملأ الله به القلوب غنى) والذي يحل كل مشاكل الإنسان هو إن يمتلئ قلبه بالغنى بالله سبحانه وبالعلم وبالمعرفة.

إذن هذا النوع من الإحياء الذي أراد إبراهيم عليه السلام أن يراه هو نوع خاص لا يؤتاه أي بشر كان بل هو لولي الله في أرضه، ومن هنا لم يكن لنا أن نطلبه ولا أن نطمح فيه لأننا لسنا مكلفين بطلبه ولا يمكننا في الواقع أن نصل إليه.


إجابة الدعاء من قبل الله فوق منى العبد:
ذكرنا أن القرآن نقل سؤال نبي الله إبراهيم بشكل مختصر ولكن الجواب كان فيه تفاصيل ما أراده نبي الله إبراهيم, بل هو يتضمن إضافات من قبل الله سبحانه وتعالى على ما طلبه نبي الله إبراهيم ونافلة فوق ما أراد, وهذا تعامل إلهي, ومنه أيضا ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ (2) وهذا يدعونا للإلفات إلى مسألة وهي أنه ليس هناك دعاء يستجيبه الله سبحانه وتعالى دون أن يضيف زيادة وعلاوة ونافلة على هذا الدعاء، لقد كان إبراهيم يطلب المرتبة والمنزلة والمقام الذي يحيي به الموتى, كل الموتى, وأتاه الجواب من الله سبحانه وما أعذبه من جواب ففيه ما أراد إبراهيم عليه السلام وزيادة، وحول جواب الله سيكون حديثنا.

﴿قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ .....

لماذا اختار الطير بالذات؟
من الملفت أن الله لم يطلب من إبراهيم أن يأخذ أربعة من الحيوانات الماشية, والسبب أن هناك فرق كبير بين حركة الطير السماوية وحركة الحيوان الماشي على الأرض, فحركة الطيران أوضح, لأن ما يحدث في السماء يشهده كل من على الأرض, كما هو حال الكسوف والخسوف, فلأنهما ظاهرتان سماويتان فهما من الوضوح بحيث يراها الجميع, ثم إن حركة الطيران أسرع في الوصول للهدف, والطائر ينتخب أقصر الطرق للوصول إلى هدفه, فهذه الطيور سوف تسلك أقصر الطرق لكي ترجع إلى إبراهيم والكل سيرى ويشهد هذا السعي.

﴿فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ..

كلمة (صُر) لم ترد في القران إلا في هذا الموضع, وفي تفسيرنا للمعاني القرآنية عادة نردّ الألفاظ بعضها لبعض بحيث نأخذ مورداً آخر قد استخدم الله فيه نفس المفردة لنفهمه، ولكن بالنسبة للألفاظ التي لم يستخدمها القرآن إلا مرة واحدة - كهذه اللفظة - فنحن نعتمد على فهم المعنى المراد على السياقات والقرائن الموجودة في الآية القرآنية.

والصرّ في الآية له معنيان:

الأول: من الصوْر على وزن القول والأمر منه ( صُرّ) بضم الصاد وهو الميل، وصرّهن: أي أملهن إليك (3)

الثاني: أي قطعهن صورة صورة (4)

لكن فعل الصور لازم وتعديته بإلى يوحي بتضمنه لمعنى آخر، يقول صاحب الميزان: " وقرائن الكلام يدل على إرادة معنى القطع وتعديته بإلى تدل على تضمين معنى الإمالة " (5) وبهذا يصبح المعنى قطعهن بعد أن ينسجمن معك.
بهذا يُفهم أن ﴿فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ تتضمن معنى تكوين علاقة وارتباط وصلة بين إبراهيم عليه السلام وبين هذه الطيور، صرهن إليك: أي قربهن من صدرك واجعلهن معتمدات عليك واخلق بينك وبينهن انسجاماً بحيث تستأنس بك حتى إذا عادت لها الحياة فلا تقصد غيرك ولا تسعى إلا إليك مهما قطعت وتبعثرت وتوزعت، وهذه القدرة التي سيعطيها الله سبحانه وتعالى لنبيه إبراهيم سوف يعطيها مطلقة لمحمد بن الحسن عليه السلام (عجّل الله تعالى فرجه الشريف ) هذه القدرة لها ركيزة و مِلاك وحقيقة ، هي العلاقة التي يكونها ويؤسسها ويبذرها هو عليه السلام في نفوس وقلوب شيعته حتى تعود إليه، وهذه نتيجة سوف تقع لا محالة لذلك ورد عندنا في الرواية عن الإمام المهدي عليه السلام - عجّل الله تعالى فرجه الشريف -( لو علم شيعتي شدة حبي لهم لماتوا شوقا لرؤيتي) فأصل وقوام العلاقة هو الصرّ والضم، وهذا نوع من التربية الإلهية للعباد ويجدر بنا الإشارة إليه بشيء من التفصيل.

عناية الله ومحبته هي أصل اليقظة والانتباه:
محبة الله ورعايته للعبد هي السبب الأصل للحياة الحقيقية والانتباه من نوم الغفلة, لذلك نحن نقول في المناجاة الشعبانية " اِلهى لَمْ يَكُنْ لى حَوْلٌ فَانْتَقِلَ بِهِ عَنْ مَعْصِيَتِكَ اِلاّ فى وَقْتٍ اَيْقَظْتَنى لِمَحَبَّتِكَ " فالذي يحيي الفطرة و يعيد في الإنسان روح اليقظة هو الله سبحانه، ونحن نقع في الخطأ حين نتصور أننا من يقوم بهذا الفعل، مشكلتنا الأخلاقية هي أننا نتصور أن تطهير أنفسنا هو من مسؤولياتنا، وأنه يجب أن نزيل عن أنفسنا أوساخ الغفلة، وننفض عنها غبار البعد عنه سبحانه، والحال أننا غير ملتفتين إلى الحقيقة الواقعية لهذه المسألة وهي أن الله سبحانه وتعالى وأولياءه هم من يصرّوننا إليهم ويرعونا بعنايتهم فنتطهر من أوساخ الغفلة، وليس لنا في ذلك حول ولا قوة (وَكَما اَرَدْتَ اَنْ اَكُونَ كُنْتُ فَشَكَرْتُكَ بِاِدْخالى فى كَرَمِكَ وَلِتَطْهيرِ قَلْبى مِنْ اَوْساخِ الْغَفْلَةِ عَنْكَ ) نحن نخطئ حين نعتقد أننا نريد أن نحب الله، أو نريد أن نحب صاحب الزمان ونتعلق به, في الواقع الإرادة منه هو, هو الذي يريد وليس نحن من يريد, ودورنا هو الشكر ( فَشَكَرْتُكَ بِاِدْخالى فى كَرَمِكَ ) فهذا الدور الذي تقوم به فقط.

وهذه قاعدة أساسية وتربوية في الثقافة الدينية والإلهية، وبين يدينا رواية تتضمن تطبيقات هذه المسألة وهي أن الأصل والمصدر في إفاضة الحياة على قلب الإنسان هو الله سبحانه ثم بعد ذلك يجريها المعصوم.

عن الإمام محمد بن علي الباقر عليهما السلام في وصيته لجابر الجعفي (إنّ المؤمن معنيٌّ بمجاهدة نفسه ليغلبها على هواها، فمرة يقيم أودها ويخالف هواها في محبة الله، ومرة تصرعه نفسه فيتبع هواها فينعشه الله فينتعش، ويُقيل الله عثرته فيتذكر، ويفزع إلى التوبة والمخافة، فيزداد بصيرة ومعرفة لما زِيدَ فيه من الخوف، وذلك بأنّ الله يقول: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ(6)
الإمام عليه السلام يتكلم عن المؤمن وعلاقته مع نفسه وعن طبيعة جهاد الإنسان الأكبر ومواجهته لهواه ورغباته، فيقول ( إن المؤمن معني بمجاهدة نفسه ) فالإمام عليه السلام يعطي الإنسان المؤمن قانوناً فيقول أن هناك أموراً كثيرة تعني المؤمن، لكنه بالدرجة الأولى معني بأمر شخصي, وفي هذا المورد بالذات يعتبر التفات الإنسان إلى همه الشخصي كمال وفضيلة، يقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في رسالته للإمام الحسن عليه السلام : ( وقد شغلني عن أمور الناس الاهتمام بأمر نفسي ).
( فمرة يقيم أودها ويخالف هواها في محبة الله ) هذه علاقة المؤمن بنفسه فمرة يغلبها في هذه المصارعة فيصرع هواه ونفسه وينتصر عليهما, ولكن متى ينتصر؟ عندما يصارع وهو يحمل في نفسه محبة لله سبحانه وتعالى أومحبة وليه.

كثيرا ما يتصور الناس أن الجهاد يحتاج قوة وعنترة وسلاح لكن الله يقول ﴿فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ(7) ، فـ (
يُحِبُّهُمْ ) هو السلاح لأن أقوى حس وشعور وإدراك عند الإنسان يكون عندما يتعلق بمحبوب ويعتقد ويؤمن ويطمئن به، فهم يحبونه لأنه ابتداء أحبهم (يحبهم ويحبونه) والقرآن يعتمد بالأساس على المعنى الذي نحن بصدده، وهو أن أصل المحبة والعناية من الله تجاه العبد.
من الملفت أن القرآن يعبر كثيرا بمحبة الله لقوم أو لفعل﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ(8) ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (9)﴿فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ(10)

والسؤال: لماذا لا يأتي القرآن بدليل على حسن عاقبة الصبر
أو الإحسان أو التقوى؟ هذا سيؤثر أيضا وسنتعقله

والجواب: أن الله يعبر بأنه يحب ولا يحب ليقول إن بيني وبينك علقة أخرى غير العاقبة وغير الجنة والنار والحساب والعقاب، أنا أحبك وأريدك, ولذا فأنا في وقت ما سوف أوقظك ( اِلهى لَمْ يَكُنْ لى حَوْلٌ فَانْتَقِلَ بِهِ عَنْ مَعْصِيَتِكَ اِلاّ فى وَقْتٍ اَيْقَظْتَنى لِمَحَبَّتِكَ ) .
والثقافة الشيعية في الواقع مشبعة وملأى بهذا المعنى و يقال أن العمدة في اختصاص الرسالة الكاملة بمحمد ابن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم لأنه ( حبيب الله) فهو الذي يستطيع أن ينشر المحبة وأن يجمع بها أنصارا وينتصر بها وهذا سائد في تاريخ الأئمة عليهم السلام بل إن أغلب الآيات التي تتكلم عن التوبة وبعض خصوصياتها تفسر ضمن هذا الجو, منه تفسير قوله تعالى ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (11) ففي القانون الطبيعي أن الإنسان إذا أعرض وأساء وأخطأ وأراد أن يعود لله سبحانه وتعالى فإنه من كرم الله أن يمحو الله سبحانه وتعالى سيئاته و آثارها التكوينية ولكن الملفت هو أنه الله سبحانه وتعالى لا يمحو السيئة فقط بل يبدل السيئات حسنات!

فكيف يبدل الله سيئاته حسنات وكيف يحدث هذا الانقلاب؟

الجواب هو أن هناك نكتة أساسية وهي أن أصل المراجعة عند الحاجة لله هي في الحقيقة إحياء لنقص في الإنسان وكمال لله سبحانه وتعالى، ولتوضيح هذه الفكرة نأتي بمثال:
إذا اتصل بك شخص منكسر, فإن احتياجه إليك في حالة انكساره دليل على حبه لك, وحين تلمس ذلك منه فإن محبتك له تزداد، من هنا كانت ﴿ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ تعني أن الله سبحانه وتعالى يزيد في محبتهم من أثر المراجعة والعودة إليه وقصده سبحانه. فالربوبية والعبودية تتضاعف عند الحاجة ( مَوْلايَ يامَوْلايَ أَنْتَ الغَنِيُّ وَأَنا الفَقِيرُ وَهَلْ يَرْحَمُ الفَقِيرَ إِلاّ الغَنِيُّ ) مناجاة الأميرعليه السلام هذه المعادلة و هذا التبادل هو ما يجعل المحبة تتوثق وتنتقش في النفس والروح بشكل أكبر, وبتوثقها تكون الاستجابة من لله سبحانه وتعالى أكثر فـلذا ﴿ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ .

نعود للرواية:
يقول الإمام عليه السلام أن هذا الإنسان عندما يغلبه هواه فينصعق فيعود لله سبحانه وتعالى في محبة الله, عند ذلك ( فينتعش، ويُقيل الله عثرته فيتذكر، ويفزع إلى التوبة والمخافة، فيزداد بصيرة ومعرفة لما زِيدَ فيه من الخوف ) العودة بعد المعصية هي سبب من أسباب الازدياد والإضافة وهذا قانون رباني إلهي واقعي حقيقي ، عندما يعرف الإنسان أنه إذا أخطأ أو قصر أو أساء فيجب أن يعود إلى الله تبارك وتعالى فإن أصل هذه المعرفة هو ضرب من ضروب العبودية والطاعة وأصل هذه الثقة في الله سبحانه وتعالى هو تجديد وتأسيس وتثبيت لعلاقة جديدة بالله سبحانه وتعالى.


نعود للآية لنثبت فكرة أن أصل وقوام العلاقة بين الله وعباده هو محبته ورعاية أولياء وهذا نوع من التربية الآية تقول
﴿فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ فالأصل في العودة والاتصال والارتباط كان من إبراهيم عليه السلام ولولا أن إبراهيم صرّ الطيور إليه وقربهن إلى صدره وجعل بينه وبينها علاقة لما استطاع أن يبث فيها الحياة من جديد، وهذا منطلق كيفية إفاضة الحياة التي أرادها إبراهيم، لأن إبراهيم يريد أن يرى كيفية إفاضة الحياة لا مجرد إفاضتها، هذا النوع من الإحياء هو ما سيظهر جليا في الإمام الحجة عليه السلام، فالذي امتلأ قلبه برؤية النقصان والخطأ والتقصير من قبل الأمة ومن قبل الناس ومن قبل شيعته؛ كيف سوف يكون صرّه وضمه وعنايته عليه السلام بشيعته حين يعودون إليه؟

إن الذي يفهم معنى الآيات القرآنية وقصص الأنبياء عليهم السلام سيعرف أن دور الإمام عليه السلام هو الإحياء والتنبيه من الغفلة ، والتطهير من الأوساخ وصياغة نفس الإنسان بحيث يمكن أن تقبل الحياة الجديدة، هذا القبول للحياة الجديدة لا يكون إلا بمحبة تبدأ من الإمام عليه السلام وإذا كان إبراهيم عليه السلام قد رعى طيوره مدة قصيرة من الزمن وحين بث فيها الحياة أتته سعيا فكيف بصاحب الأمرعليه السلام الذي مازال يرعى شيعته خلال هذه القرون الطوال وقد أنس بهم وتعلق بهم وكون هذا الارتباط العميق بينه وبينهم!!

وهذه المسألة ليست مسألة من الخيال؛ لاحظوا نحن الشيعة نعتقد بالظهور ونعتقد جازمين بأن في هذه الأرض حجة لله سبحانه وتعالى لكن ظاهرة ادعاء المهدوية قليلة عندنا بل تكاد تكون كالعدم لأن إمامنا عليه السلام الذي يرعى هذا الحب ويغذي هذه العلاقة لا يمكن أن نضل عنه بل نعرفه ونشخصه.

قد تقولون كيف يقوم عليه السلام بتوثيق هذه العلاقة وكيف يمارس عنايته بنا وتغذية حبنا له؟

والجواب: نحن قلنا في بداية الحديث أننا لا يمكن أن نعرف كيف يحيي الله الموتى, بل نحن أصلا غير مأمورين بذلك, لأننا لا يمكن أن نصل إلى تلك المعرفة، كذلك نحن غير مأمورين هنا أن نعرف كيف يدير محمد بن الحسن عليه السلام علاقتنا به وكيف يغذي حبنا له، لأنها مسألة خارجة عن إمكانية إحاطتنا بها، يجب أن نعلم ونؤمن أنه يرعانا ولكن كيفية رعايته لا يمكن أن ندركها، تماما كما نؤمن بالحياة بعد الموت ونجهل الكيفية، نحن مأمورون بشئ واحد وهو أن نسلم أن هذا الإمام عليه السلام يرعانا بعنايته ويحيي هذه القلوب الميتة، ويملأ الله سبحانه وتعالى به كل الوجود حياة.

................................
الاستاذة العالمة أم عباس النمر

( يَأْتِينَكَ سَعْياً ) -1-

(1) البقرة 260
(2) الأنبياء72
(3)
الميزان/ ج2 ص 318
(4)
مفردات الراغب/498
(5) الميزان ج 2 ص 319
(6) الأعراف201
(7)
المائدة 54
(8)
آل عمران 146
(9)
البقرة 195
(10)
ال عمران 76
(11) الفرقان 70


والله أعلم
ربي يحفظكم ويحميكم بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف عليهم السلام اجمعين







التوقيع

كن مع الله يكن الله معك ( فادخُلي في عبادي وادخُلي جنتي )


"
فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ"

ويدخل شهر محرم الحرام بكل مافيه من تفاصيل حزينه ارشاديه هاديه
الحسين شمعة للهداية في كل حياته سلام الله عليه
من مولده ليوم استشاده صلوات ربي عليه
لنا في حركاته كلماته سكناته رحلته من المدينة لمكة لكربلاء الكثير الكثير من المواعظ والدروس
علينا في هذه الايام ان نفتح القلب ونرحل مع الحسين حيث النور حيث الصلاح

أيا حُسين الهداية خذ القلب معك سيدي وعلمه كيف يكون الكمال الانساني


ايها الإنسان تذكر دائماً ربك وعد اليه في كل امورك تجده عندك واستيقن انه جلّ جلاله معك إينما تكون هو معك
  رد مع اقتباس
قديم 07-14-2012, 05:05 PM   رقم المشاركة : 2
منار علي (ع)
موالي فعال








منار علي (ع) غير متواجد حالياً

افتراضي رد: ( يَأْتِينَكَ سَعْياً ) -2-

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبيين الطاهرين الأشراف وعجل فرجهم ياكريم

السلام على من نحن بعنايته ونحن غافلون .
السلام عليكم ورحمة الله .

أيامكم عناية صاحب العصر والزمان _ عليه السلام _
يبدو أن الدورة ثرية جدا بالمعلومات إذ أن الدرس الواحد متضخم بالمعلومات القيمة .
يستحق العودة والقرآءة , مرات ومرات .
سأعود لاقرأ تارة أخرى وأعلق . وربما استفسر !

وفقكم الله لخدمة الدين دوما

وصل الله على محمد وآل محمد الطيبيين الطاهرين الأشراف وعجل فرجهم ياكريم
.







التوقيع

الطريق طويل .. ولا يسلكه الا الصادقون المخلصون... فيارب توفيقك فقد ضقنا ذرعاً.

  رد مع اقتباس
قديم 07-16-2012, 06:41 PM   رقم المشاركة : 3
منار علي (ع)
موالي فعال








منار علي (ع) غير متواجد حالياً

افتراضي رد: ( يَأْتِينَكَ سَعْياً ) -2-

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبيين الطاهرين الأشراف وعجل فرجهم ياكريم

السلام عليكم ورحمة الله

بارك الله بكم
تعليق على ماقرأت

إن الذي يصل إلى مقام الولاية يعرف عناصر الوجود كلها ويستطيع أن يمارس عملية الإحياء ويمـثـّل دور ربوبية الله سبحانه وتعالى بأن يحيي الموتى من كل الموجودات،

هذه العبارة ذكرتني بقول الله تعالى ياعبدي أطعني تكن مثلي تقل للشي كن فيكون .
ولأن خاصية الإحياء مخصوص بها الله عز وجل , لا يعطيها الإ من وصل لمقام رفيع جدا . وهذا مايؤكد مقام وعظمة الولاية . وقد وصلها العديد من الأنبياء والرسل , كما هذا المقام حبى به آال بيت رسول الله صل الله عليهم وسلم.
نقاط استخلصتها من قرآءة هذا الدرس
* كل شيء في هذا الوجود له حياة وموت وتختلف هذه الحياة من الممات بحسب طبيعة الموجود .
مثلا : الأرض لها حياة وموت . حين تكون خصبة مثمرة فهي حية وحين تكون جدباء فهي ميته .
كذالك المبادى والأخلاق والسلوكيات ,تكون ميته حين تبتعد عما أراده الله ,تكون حية حين تنشأ وتسير في خط أراده الله عز وجل .
هذه حياة ظاهرية للأشياء حياة نسبية أوليه . ولكن الحياة الحقيقية لاتتجلى الإ بظهور بقية الله عليه السلام. إذ بظهوره . تكتمل العقول بالعلم والمعرفة وبظهوره تخرج الأرض خيراتها ,
* نقطة جميلة أعجبتني جدا ان الجميع برعاية صاحب الأمر وأنه مهما اختلفوا وتقطعوا البشر وتنازعوا فرق ونحل وممل هناك قوة ترعاهم حتى يأتي فرج الله ويأتونها سعيا !
*قاعدة رائعة أن اللإنتباه بعد الغفلة هي عناية وحب من المولى عز وجل .
_ ولاتكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا _
* العلاقة بين العبد وربه علاقة لانظير لها .
وحده حين نعود له من بعد معصية يتلقانا برحابة ويأخذ بأيدينا ويأخذنا بحنان لاشبيه له .
لايكتفي بمحو السيئة ,بل أنه يبدلها حسنات !!
(الحمدلله اللذي أوكلني إليه فأكرمني)

* الحقيقة الجميلة والرائعة التي يغفل عنها الكثير وربما يعلمها ولكن لايستشعر بها أننا في عناية الإمام وأنه يقربنا منه .
*لست بحاجة لمعرفة كيف يرعاني بقية الله . لكن بحاجة أن أؤمن بفكرة رعايته وأسعى أن استشعر بذالك .

_ ليس هناك دعاء يستجيبه الله سبحانه وتعالى دون أن يضيف زيادة وعلاوة ونافلة _
جميلة هذه العبارة
متفضل علينا بالنعم من قبل ومن بعد .
نعم الله عز وجل دوما يعطينا فوق مانريد لكن نحتاج فقط أن نبصر لنرى ذاك .!

رائعة المعلومات المطروحة
لاأمل حقيقة من قرآئتها .
قرأته مرات ومرات ومرات .
بارك الله بكم أختي العزيزة وجعله الله في ميزان حسناتكم .
بانتظار الجزء الثالث.







التوقيع

الطريق طويل .. ولا يسلكه الا الصادقون المخلصون... فيارب توفيقك فقد ضقنا ذرعاً.

  رد مع اقتباس
قديم 09-26-2012, 02:06 AM   رقم المشاركة : 4
عطاء الكوثر
Guest





افتراضي رد: ( يَأْتِينَكَ سَعْياً ) -2-

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الاشراف وعجل فرجهم يا كريم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اختي العزيزه حفظكم الله ورعاكم ،،

بارك الله فيكم على الموضوع الرائع ..

اقتباس:
هذا القبول للحياة الجديدة لا يكون إلا بمحبة تبدأ من الإمام عليه السلام وإذا كان إبراهيم عليه السلام قد رعى طيوره مدة قصيرة من الزمن وحين بث فيها الحياة أتته سعيا فكيف بصاحب الأمرعليه السلام الذي مازال يرعى شيعته خلال هذه القرون الطوال وقد أنس بهم وتعلق بهم وكون هذا الارتباط العميق بينه وبينهم!!

إنّا غير مهملين لرعايتكم ولا ناسين لذكركم ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء واصطلمكم الأعداء ...

نسأل الله ان نكون من الذين يأتون سعيا لمولانا صاحب الزمان عليه السلام ،،،


والله اعلم

وفقكم الله لكل خير ببركة وسداد اهل البيت عليهم السلام ..

(يا علي يا علي يا علي(49)






  رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



الساعة الآن 12:34 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.