مركز نور السادة الروحي
         
 
     

:: مركز نور السادة الروحي ليس لديه أي مواقع آخرى على شبكة الأنترنت، ولا نجيز طباعة ونشر البرامج والعلاجات إلا بإذن رسمي ::

::: أستمع لدعاء السيفي الصغير  :::

Instagram

العودة   منتديات نور السادة > نـور مدرســة ( السـير والسـلوك ) > نور مواضيع مدرسة السير والسلوك
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 02-01-2019, 06:22 PM   رقم المشاركة : 1
أنوار سجدة المهدي (عج)
منتسبة ( مدرسة السير والسلوك )







أنوار سجدة المهدي (عج) غير متواجد حالياً

افتراضي ضبط الذهن

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف وعجل فرجهم يا كريم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

🔸"ضبط الذهن" هو أهم التمارين لزيادة قوة الروح

💠ضبط الذهن على طريق التقرب (المحاضرة1/ الجزء الأول)

🔹أفعال الإنسان على نوعين: ظاهرية وباطنية.

🔹الأهم من بين أفعال الإنسان، حسنةً وقبيحةً، هي أفعاله الباطنية.

🔹التصرفات الباطنية أو القلبية أكثر ما يسيطَر عليها عن طريق ضبط الذهن.

🔹هناك في ثقافة مجتمعنا ونمط حياته عوامل تمنع التحكم في الذهن.
____________
سماحة الشيخ بناهيان

🔰تنقسم الأفعال التي باستطاعتنا إنجازها إلى نوعين أساسيين: النوع الأول هي الأفعال الظاهرية التي نأتي بها بواسطة أيدينا، وألسنتنا، وأعضائنا، وجوارحنا (مثل التصدُّق وما إليه). والنوع الثاني هي الأفعال الباطنية وما يحصل في داخل نفس الإنسان من أمور، وهي أنه: بِمَ نفكّر؟ وبأيّ شيء نهتَمّ؟ وما الذي نُحب؟ وإلامَ تهفو قلوبُنا؟ فهذه من الأفعال الباطنية.

🔰ومع أن تصرفات الإنسان الظاهرية تحظى بأهمية بالغة إلا أن الأهم من بين أفعال الإنسان، سواء الحسنة منها أو القبيحة، هي الأفعال التي تحصل في باطنه وروحه. وأفعال الإنسان الباطنية هي الأخرى على نوعين: فهناك التصرفات التي يكون أكثر ارتباطها بعواطف الإنسان وأحاسيسه، وإنّ التحكّم بمثل هذه التصرفات غاية في الصعوبة. وهناك الأفعال المتصلة بفكر الإنسان وحيّزِ ذهنِه، وإنّ ضَبْطَ هذه الأخيرة أسهل، بل إن الإمساك بزمام التصرفات القلبية هو أكثر ما يكون عن طريق هذا النوع من السيطرة على الذهن؛ فمثلاً بماذا نفكّر، وبماذا لا نفكّر، أو كيف لا ندع فكرَنا يتشتّت. وهذه القوة التي بواسطتها يستطيع الإنسان التسلّط على ذهنه هي أعظم قوى الإنسان.

🔰ومثلما يعمل الإنسان على تقوية عضلات بدنه عبر التمارين الرياضية، فإن أهم تمرين رياضي لتقوية "عضلات الروح" هو السيطرة على الذهن. فالتحكم بالذهن هو، بحقّ، رياضة! بل إن نمطَي التمرين، البدني والذهني، يمتزجان معاً في بعض الرياضات الشرقية (كالكونغ فو) التي يتم التأكيد فيها أيّما تأكيد على التركيز الذهني. أما في الثقافة المليئة بالتهتّك والتحلّل التي تَفِدُ علينا من الغرب فعلى العكس؛ فهي تخلو من شيء اسمه "السيطرة على الذهن"، بل يُلقَّن الناس هناك أنهم مسلوبو الإرادة تماماً. وإن بعض ما تفعله الموسيقى هو أنها تنتزع من يد الإنسان زمامَ ذهنِه.

🔰وإننا لقادرون على التحكّم بأذهاننا أثناء النوم، بل والتحكّم بالنوم نفسه أيضاً، بل إننا مطالَبون بمثل هذه القدرات الروحية. وجميع أشكال التسلط على البدن إنما هي لتقوية عملية ضبط الروح. وحينما يدور الكلام حول "ضبط الروح" و"قوة الروح" فإنه يُراد به عادةً "ضبط الذهن"، ذلك أن الإنسان غير قادر على التحكم بقلبه كثيراً؛ فإذا أراد قلبه أن يميل إلى شيءٍ ما فلا يكون ذلك بإرغامٍ من صاحبه بأن يأمره: "مِلْ إلى هذا الشيء!" ومن هنا فإن المراد من التوصية "بضبط القلب"، في الواقع، هو "ضبط الذهن". فباستطاعتك، مثلاً، أن تتحكّم في أنه بماذا لا تفكر، أو بماذا تفكر، ويمكننا أن نُدرج كافة ما هو من نوع التصرفات الباطنية في خانة عملية "ضبط الذهن".

🔰أجرى علماء النفس اختباراً لمعرفة مَن الذين سينجحون في منع أنفسهم من القيام بفعلٍ ما مع أنهم يحبّونه؟ فوضعوا بضع قطع حلوى أمام بضعة تلاميذ وقالوا لهم: "لا تأكلوا الحلوى لمدة ساعة". فلاحَظوا في التجربة أن الطفل الذي كان ينظر باستمرار إلى الحلوى لم يستطع في النهاية ضبط نفسه، فأكل الحلوى، أما ذاك الذي لم يكن ينظر إليها فقد أفلح في الإمساك بزمام نفسه، فلم يأكلها؛ بمعنى أنه استطاع التسلط على رغباته من خلال السيطرة على ذهنه (أي: إن الذين لا يفكرون في الموضوع يستطيعون ضبط أنفسهم).

🔰يساعد الحجاب أيضاً على عدم تشتت ذهن الإنسان، فحيثما اتّجَه ذهنُك اتّبَعَه قلبُك ثم لا تستطيع السيطرة على قلبك، أما الذهن فتستطيع السيطرة عليه.
هناك في ثقافة مجتمعنا ونمط حياته عوامل تمنع السيطرة على الذهن. فقد اتّسعَت أوقات الفراغ في الحياة المَدنِيّة وازدادت وسائل اللهو؛ أي الأسباب التي تشغل أذهاننا على نحو موصول وتجذب انتباهنا في كل آنٍ (كالتلفاز، والجوال، وشبكات التواصل، وما إلى ذلك). وليس مهمّاً كثيراً أنها إلى أي شيء تجذب انتباهنا، بل المهم هو أنه عندما يعمل الآخرون دوماً على توجيه اهتمامك إلى هذا الشيء وذاك فإنك ستُفلتُ – شيئاً فشيئاً - زمام ذهنك، وستملأ هذه الأشياء ذهنَك بالتفاهات وتُحطّم قدرتَك على ضبطه والسيطرة عليه.

🌀يتبع...

حسينية آية الله حقشناس في 11/09/2018
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من الأمثلة المهمة على ضبط الذهن "النيّة"

كيف نتمرّن على تقوية الروح؟

ضبط الذهن على طريق التقرب1

ضبط الذهن على طريق التقرب2

يقول الدين: أمسك زمام ذهنك بيدك!

أيقظ ما في داخلك من خير بمعونة "الفكر والذكر"!

عبر "ضبط الذهن" يمكن تغيير الرغبات

خير محل للإفادة من قابلية ضبط الذهن "الصلاة"

إن لم تمارس "ضبط الذهن" فسيمرض ذهنُك تلقائياً!

"التقوى الذهنية"

من أكبر الذنوب سوء الظن بالله تعالى وهو ذنب يحصل على مستوى الذهن

يرتفع المرء بضبط ذهنه إلى أعلى مستويات النجاح

لماذا علينا الاستغفار من "معاصي الذهن" بشكل خاص؟







  رد مع اقتباس
قديم 02-01-2019, 06:25 PM   رقم المشاركة : 2
أنوار سجدة المهدي (عج)
منتسبة ( مدرسة السير والسلوك )







أنوار سجدة المهدي (عج) غير متواجد حالياً

افتراضي من الأمثلة المهمة على ضبط الذهن "النيّة"

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين الاشراف وعجل فرجهم يا كريم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


🔸من الأمثلة المهمة على ضبط الذهن "النيّة"

🔸حتى لو كان أصل النية في القلب فإن "ملقاطَها" هو الذهن

💠ضبط الذهن على طريق التقرب (المحاضرة1/ الجزء الثاني)

🔹هناك في أعمالنا الدينية تقنيات لضبط الذهن.

🔹لقد أولى الله لقدرتنا على ضبط الذهن قيمة ومهّد الأرضية لها في عباداتنا.

🔹عن الصادق(ع): «إِنَّمَا خُلِّدَ أَهْلُ‏ النَّارِ فِي‏ النَّارِ لأَنَّ نِيَّاتِهِمْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا أَنْ لَوْ خُلِّدُوا فِيهَا أَنْ يَعْصُوا اللهَ أَبَداً».
_____________
سماحة الشيخ بناهيان

🔰ترتبط عملية ضبط الذهن بالسلوك الباطني للإنسان ونتيجتها هي "قوة الروح". والإنسان إذا قويَت روحُه صار في حقل العلم عالِماً، وأصبح في ميدان العمل مُبدعاً، وما من لذة للإنسان كلذة الإبداع.

🔰لقد أولى الله تعالى لقدرتنا على التحكّم في الذهن أهمية بالغة وقيمة عليا، والأرضية لمثل هذا التحكم في الذهن مُهيّأة في عباداتنا؛ فلقد أوصينا، مثلاً، بالاستيقاظ في السحر للعبادة، ومن الطبيعي أن يكون ذهن الإنسان عند السحر خالياً، وهي فرصة صالحة لأن يجلس المرء فيفكر ويستجمع ذهنَه.

🔰ولقد أُدخلَت في أعمالنا الدينية تقنيات للسيطرة على الذهن؛ فهل تدري، مثلاً، لماذا جُعلت الصلاة بهذه الروتينية؟ لقد جعل الله روتينية الصلاة هذه من أجل ضبط الذهن؛ فغرضُه تعالى هو أن لا تعمل عواملُ خارجية على جذب انتباهِك، بل أن تلتفت أنت إلى الشيء بقوة ذهنك فتزداد بذلك قوة تحكّمك بذهنك. فالمهم هو أن يستطيع المرء التركيز على موضوعٍ ما بنفسه، لا أن يعمل الآخرون، أو تعمل بعض العوامل الخارجية الأخرى، على مساعدة ذهنه في التركيز على هذا الموضوع.

🔰ليس من المحبَّذ أن يعمل شخص آخر على إدارة أذهاننا. نعم، إن كان هذا الشخص هو الله عز وجل فهذا – بالمناسبة – جيد جداً. إذن سَلّم عِنانَ ذهنك بيد ربك، لأنه تعالى إذا اشتغل على ذهنك فسيزيد من قدرته. ودع القرآن يستقطب انتباهَك، وانظر ما سيحصل! فهو يُلفت نظرك إلى الجنة تارةً، ويجذب انتباهك إلى النار تارةً أخرى، و...الخ. فتعالوا نتلهّى بالقرآن، ولندَع القرآن يوجّه أنظارنا إلى هذا وإلى ذاك!

🔰بل إني أنصحك أن لا تُكثر من الجلوس عند منابر الذين يستولون على حواسك كل الاستيلاء! بل ليكن لديك "واعظ من نفسك"، ولتصعد أنت – بين الحين والحين – منبراً لنفسك. فإذا اعتَدتَ على أن يعمل شخص آخر على لفت انتباهك (حتى ولو للأمور الحسنة) فمتى إذن تعمل أنت على لفتِ انتباه نفسك؟!

🔰يحظى موضوع ضبط الذهن والأفعال الباطنية بقدر من الأهمية والتأثير بحيث إن الذي يلتفت إلى شيءٍ ما سيؤثر على التفات المحيطين به أيضاً، ومن هنا جاءت التوصية بمعاشرة أهل الالتفات والتنبّه.

🔰من الأمثلة المهمة على ضبط الذهن "النية". ونصف النية يتعلق بالذهن ونصفها الآخر بالقلب. فليس كل النية في الذهن، بل هناك مشيئة القلب أيضاً، لكن مشيئة القلب هذه تتم مراجعتُها في الذهن.

🔰النية خليط من الفكر والهوى (أي الذهن والمَيل)، فحتى لو كان أصل النية في القلب ففي وسعنا القول – على الأقل - إن "ملقاطَها" هو الذهن. فبعض ميول الإنسان تكون ضعيفة أحياناً، لكن باستطاعة ملقاط الذهن هذا التقاطَها وانتشالَها؛ بمعنى أنك تستطيع - بواسطة ذهنك - أن تعثر على ما ضاع بين طيّات نفسك من الميول الجيدة، فتعمل على تقويتها.

🔰فانظر إذن كم في مقدور الإنسان أن يشتغل، بواسطة ذهنه، على نيّته، بل وعلى ذلك الجزء القلبي من نيّته! حقّاً ما أعجب هذا! قل مثلاً: ليصل أجر رثائنا في شهر محرم هذا إلى روح الإمام الراحل(ره)، وأرواح الشهداء، وإلى آبائنا وأمهاتنا.. قُم بذكرهم. إن بإمكانك، بنيتك هذه، أن تؤثر في العالَم كله. فذهنك هذا نفسُه، ونيّتك هذه نفسُها يتحوّلان لك إلى مزار ومحراب، ومحل للثواب والعقاب!

🔰عن أبي عبد الله الصادق(ع) في أهمية النية قال: «إِنَّمَا خُلِّدَ أَهْلُ‏ النَّارِ فِي‏ النَّارِ لأَنَّ نِيَّاتِهِمْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا أَنْ لَوْ خُلِّدُوا فِيهَا أَنْ يَعْصُوا اللهَ أَبَداً». فلماذا يُخلَّد بعضُهم في عذاب جهنم يا ترى؟ لأنه كان قد نوى أن يدوم على المعاصي ما بقي في الدنيا! «وَإِنَّمَا خُلِّدَ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ لأَنَّ نِيَّاتِهِمْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا أَنْ لَوْ بَقُوا فِيهَا أَنْ يُطِيعُوا اللهَ أَبَداً، فَبِالنِّيَّاتِ خُلِّدَ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ، ثُمَّ تَلا قَوْلَهُ تَعَالَى: «قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى‏ شاكِلَتِهِ‏» (الإسراء/84)، قَالَ: عَلَى نِيَّتِهِ» (الكافي/ ج2/ ص85).

🌀يتبع...

حسينية آية الله حقشناس في 11/09/2018
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ







  رد مع اقتباس
قديم 02-01-2019, 06:27 PM   رقم المشاركة : 3
أنوار سجدة المهدي (عج)
منتسبة ( مدرسة السير والسلوك )







أنوار سجدة المهدي (عج) غير متواجد حالياً

افتراضي كيف نتمرّن على تقوية الروح؟

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف وعجل فرجهم يا كريم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

🔸كيف نتمرّن على تقوية الروح؟

🔸بالرياضة الذهنية والتمرُّن على "ضبط الذهن"

💠ضبط الذهن على طريق التقرب (المحاضرة2/ الجزء الأول)

🔹أفضل معيار للتقوى والإيمان والروحانية هو التمتع بقوة الروح.

🔹قوة الروح ليست واحدة من حسنات الإنسان، بل هي نتاج جميع حسناته.

🔹كيف نتمرّن على تقوية الروح؟ يجب أن تتمرّن على "أن لا يسرح ذهنُك إلى أي مكان، ولا يذهب إلا إلى حيث تأمره أنت!"

____________
سماحة الشيخ بناهيان

🔰أحد مواطن الضعف في ثقافة مجتمعنا الدينية هي أننا، في العادة، لا ننظر إلى قوة الروح كأفضل معيار للتديّن والروحانية. فإن سُئلنا: ما تعريفك للمتديّن الصالح؟ كان جوابنا في العادة: "هو الشخص الذي يكون ذا رأفة، وصفح، و..الخ" أي إننا نسطّر مجموعة من الصفات الدالة على المرونة، ولين العريكة، والمعرفة، والبصيرة. وهي صفات جيدة بالطبع، لكن أهم ميزة جفي الإنسان الصالح ذي الدين، والتي لا بد أن تكون أول ما يقفز إلى الذهن، هي "كونه مقتدراً ومتمتعاً بقوة الروح".

🔰وليس المراد بالاقتدار وقوة الروح، بالطبع، أن يكون المرء خشناً، ضارياً، لا مرونة فيه! بل إنّ قويَّ الروح – بالمناسبة - يكون أكثر رأفة، فقوة الروح هي منبع الكثير من الصالحات. وإنّ صاحب العصر والزمان(عج) إذا ظهر لا يزيد في رحمة أصحابه أو سخائهم، بل يزيد في قوتهم أربعين ضعفاً: «..صَارَ قَلْبُهُ أَشَدَّ مِنْ زُبَرِ الْحَدِيدِ وَأُعْطِيَ‏ قُوَّةَ أَرْبَعِينَ‏ رَجُلاً» (الغيبة للنعماني/ ص310).

🔰قوة الروح ليست واحدة من حسنات الإنسان، بل هي نتاج جميع حسناته، وضعف الروح ليس واحداً من سيئات الإنسان، بل هو منشأ كل سيئاته. فجميع صفات الإنسان الذميمة تأتي، في العادة، نتيجة ضعفه. حتى اتّباع الشهوات فإنه ناشئ عن افتقار المرء لقوة الروح وعدم تذوّقه لذّةَ القوة. فلا تُجدي القوة في ساحة الحرب ونزال المستكبرين والظَلَمة فحسب، بل تنفع لدى محاربة الشيطان ومخالفة النفس الأمّارة كذلك.

🔰أول معيار، أو قُل: أفضل معيار للتقوى والإيمان والروحانية هو أن تكون قوياً! هذا هو الفرق بين التديّن الصحيح والخاطئ، وبين التديّن الحقيقي والزائف. فقوة الروح هي أسمى معيار للديانة والإنسانية، فلا بد للإنسان أن يكون قوياً. على أن أصل الاقتدار والقوة هو القوة الباطنية، وأما القوة الظاهرية ففرع لهذا الأصل. وإنّ ولعنا بالقوة الظاهرية يرجع لولعنا بالقوة عموماً، لكن الذي يتمتع بقوة الروح هو الأكثر جدارة.

🔰أهم "الفضائل الإنسانية"، والتي يهتم بها الأطفال، هو اكتساب القوة، إذ يهوى الأطفال منذ نعومة أظفارهم أن يكونوا أقوياء، وهذه من أوائل احتياجات الطفل، بل إن أهم المعايير التربوية، حتى في سنين الابتدائية، هي أن ينشأ الطفل قوياً.

🔰والآن كيف لنا أن نتمرّن على تقوية الروح؟ مثلما ينبغي أن نمارس التمارين الرياضية إذا أحببنا تقوية عضلات أجسامنا، فلا بد من "الرياضة الذهنية" إذا أردنا التمرّن على تقوية أرواحنا، والرياضة الذهنية هي في ضبط الذهن، أي "لا يجوز أن يسرح ذهني إلى أي مكان، بل لا بد أن يذهب إلى حيث آمُرُه أنا!" فإن لقوة الروح ارتباطاً وثيقاً بقوة الذهن، والتمارين الذهنية هي السبيل إلى قوة الروح.

🔰يقول الإمام الخميني(ره): «اعلَم أن أول شرط على المجاهد الالتزام به في هذا المقام (مقام تهذيب النفس) والمقامات الأخرى، والذي يمكن أن يكون أساس الغلبة على الشيطان وجنوده، هو حفظ طائر الخيال. فالخيال هذا طائرٌ لا ينفك يحلّق، ويحط في كل آنٍ على غصن، وهذا ما يجلب عظيم الشقاء. وهو من وسائل الشيطان التي يودي بواسطتها بالإنسان إلى التعاسة ويدعوه إلى الشقاء... وتنبّه إلى أن الأخيلة الفاسدة القبيحة والتصوّرات الباطلة هي من إلقاءات الشيطان الذي يريد لجندِه الاستقرار في مملكة باطنك» (شرح الأربعين حديثا/ ص17-18/ النسخة الفارسية). وإن من إلقاءات الشيطان المشؤومة هي سوء الظن بالله تعالى، فلا تدع سوء الظن بالله يجد سبيله إلى ذهنك حتى ولو من دون وعيك أو دون إرادتك، فاعمل على ضبطه والسيطرة عليه.

🔰ثم يتابع(ره) فيقول: «ألا وإنك مجاهد للشيطان وجنوده وتطمح لأن تحوّل ساحة نفسك إلى مملكة إلهية ورحمانية، فاحذر إذن من كيد هذا اللعين، واطرد عنك هذه الأوهام التي لا تُرضي الحق تعالى كي تستعيد، بمشيئة الله، في هذه الحرب الداخلية، هذا الخندق الاستراتيجي للغاية من يد الشيطان وجُنده، فهو بمنزلة الخندق الحدودي، فإن كانت لك فيه الغلبة فتفاءل» (نفس المصدر السابق). فخندق الذهن والأخيلة تقوم للإنسان مقام الحدود للبلد، فاعمل على التحكم بذهنك، ولا تدع للكلام البذيء والأفكار الذميمة سبيلاً إليه.

🌀يتبع...

حسينية آية الله حقشناس في 12/09/2018
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ







  رد مع اقتباس
قديم 02-01-2019, 06:48 PM   رقم المشاركة : 4
أنوار سجدة المهدي (عج)
منتسبة ( مدرسة السير والسلوك )







أنوار سجدة المهدي (عج) غير متواجد حالياً

افتراضي ضبط الذهن على طريق التقرب

🌀تتمة المحاضرة الثانية

💠ضبط الذهن على طريق التقرب (المحاضرة2/ الجزء الثاني)

🔹ضبط الذهن هو "أن تتمكن من التفكير في ما تريد، وأن لا يحوّل شخصٌ آخر انتباهك إلى ما لا تريد."

_____________
سماحة الشيخ بناهيان

🔰والمثال البارز للتمرين على ضبط الذهن هو الصلاة. الصلاة روتينية بامتياز، فهي تخلو من كل ما يجذب انتباهك، بل وكأنّها قد جُعلت للتمرين على التسلط على الذهن؛ فهي تضعك في قالب سلوكي خاص لترى إن كنت مسيطراً على ذهنك أم لا.

🔰ضبط الذهن هو "أن تستطيع التفكير في الموضوع الذي تريد"، وضبط الذهن هو أن لا يحوّل أحدٌ انتباهَك إلى ما لا تريد. فإن أراد امرؤٌ لفت نظرك إلى شيء ما كان عليه الاستئذان منك، فإن أردتَ، صرفتَ ذهنَك إليه. فقوة الذهن هي أن تستطيع التفكير في موضوعٍ ما بالمقدار الذي ترغب؛ كأن تتمكّن من التفكير فيه مدة ساعة أو ساعتين. وقوة ضبط الذهن هي أن تقدر على التفكير في موضوع ما بعمق، لا بسطحية؛ أي أن تتمتع بتركيز ذهني في منتهى العمق.

🔰يوصي العلامة الطباطبائي(ره) بتمرين لضبط الذهن. فكما تمارس الرياضة لتشُدّ ساعدَك يمكنك ممارسة الرياضة لتقوّي بها روحَك. يقول العلامة(ره) في "رسالة الولاية": «تأخذ لنفسك مكاناً خالياً، لا يكون فيه شاغل زائد من النور والصوت والأثاث وغيرها. ثم تقعد قعوداً لا يشغلك بفعل زائد مع غمض العين. ثم تتوجّه إلى صورةٍ ما خيالية، بأن تشخص بعين خيالك إلى صورة (أ) مثلاً، وتتنبّه لكل صورة خيالية تطرقك لتستعمل الإعراض عنها إلى صورة (أ)، فإنك تجد في بادئ الأمر صوراً خيالية معترضة مزدحمة عندك مظلمة مشوّشة... ثم لو دُمتَ على هذه التخلية أياماً، ترى بعد برهة أن الطوارق والخواطر تقل فتقل... ثم تقل فتقل كل يوم تدرُّجاً، حتى لا يبقى مع صورة (أ) صورة أخرى البتّة» (رسالة الولاية/ ص96ـ97).

🔰يجب أن تتمرّن للسيطرة على الذهن، ولا تنتظر معجزة تنزل من السماء! سُئل آية الله بهجت(ره): "ماذا نصنع لتركيز الفكر وحضور القلب أثناء الصلاة؟" فقال: "حينما تكون ملتفتاً لا تصرف ذهنَك اختياراً" (به سوى محبوب "نحو المحبوب"(بالفارسية)/ ص63)، فلا تفكر في شيء آخر اختياراً، ولا تشتت ذهنك عمداً. بالطبع ستَرِد بعض الأفكار إلى ذهنك دون اختيار منك، فعُد - متى ما أحسستَ ذلك - والتفت ثانيةً إلى صلاتك. وإنّ من الناس مَن يتشتت ذهنه ويعود أثناء الصلاة الواحدة مائة مرة، وأمثال هؤلاء نادرون جداً! فأكثر الناس إذا تشتّتَ ذهنه أثناء الصلاة لم يلتفت إلا بعد الفراغ منها.

🔰إذا استطعنا التركيز فسنتمكن من لفت نظر الله تعالى إلينا. وهذه القوة تحديداً هي ما يريده الله منا. بل ما خلقَنا الله إلا لنكون أقوياء، وإنه تعالى ليحترم الأقوياء من عباده. وقد تتساءل هنا: "أليس المفترض أن نكون ضعفاء بين يدي الله؟" أجل، فقد ورد في الدعاء: «إرحَمْ عَبدَكَ الضَّعِيف»، لكن لا يشتبه عليك الأمر وتحسَب أن الله يحب الضعيف! كلا، بل يقول لك عز وجل: "كن معي ضعيفاً ولا تتهدّد وتتوعّد، لكن كن قوياً في ذات نفسك، بل كن من القوة ما يجعل أهل العالم غير قادرين على لَويِ ذراعك!"

🌀يتبع...

حسينية آية الله حقشناس في 12/09/2018
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ







  رد مع اقتباس
قديم 02-07-2019, 04:03 PM   رقم المشاركة : 5
أنوار سجدة المهدي (عج)
منتسبة ( مدرسة السير والسلوك )







أنوار سجدة المهدي (عج) غير متواجد حالياً

افتراضي ضبط الذهن على طريق التقرب

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف وعجل فرجهم يا كريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

🌀تتمة المحاضرة الثانية

💠 ضبط الذهن على طريق التقرب (المحاضرة2/ الجزء الثالث)

🔰قيل لأمير المؤمنين(ع): «بِمَ‏ غَلَبْتَ الأَقْرَانَ» أي أعداءك الأقوياء؟ وما كانت طريقتك لهذا؟ «قَالَ: بِتَمَكُّنِ هَيْبَتِي فِي قُلُوبِهِمْ» (مناقب آل أبي طالب(ع)/ ج2/ ص116) فأنا أشلّ خصمي بهيبتي أوّلاً، وما إن يتسمّر في مكانه حتى أضربه بسيفي. وقال(ع) في باب خيبر أنه اقتلعها بقوته الروحية لا الجسدية: «وَاللهِ مَا قَلَعْتُ بَابَ خَيْبَرَ.. بِقُوَّةٍ جَسَدِيَّةٍ وَلا حَرَكَةٍ غِذَائِيَّةٍ لَكِنِّي أُيِّدْتُ‏ بِقُوَّةٍ مَلَكُوتِيَّةٍ وَنَفْسٍ بِنُورِ رَبِّهَا مُضِيئَة» (أمالي الصدوق/ ص514).

🔰اكتسِبْ قوة في روحك قبل أن تطرق باب ربك. (ستقول ولماذا إذن يقال: "لا بد أن نقف بين يدي الله ضعفاء؟!" ما القصد من ذلك؟ (الجواب لا تخطئ الفهم، فليس المراد أن تكون ضعيفاً عموماً ثم تطرق باب الله! إذ سيقول تعالى: "من هذا الساجد عند بابي؟ إنه يسجد أينما كان! بل هذه هي نفسيته، إنه ضعيف ذليل أمام الجميع! والحال إن عليه – أولاً - أن يقول: «لا إله» قبل قوله: «إلا الله»! عليه أن يقول: "كلا" للأغيار (من غير الله) قبل أن يطرق باب الله!

🔰إذا تمتّعتَ بقوة الذهن قبل أن تطرق باب ربك استطعتَ عندها أن تُلفت نظر الله عز وجل إليك! المهم هو قوة الذهن تلك. قال الله تبارك وتعالى لنبيه عيسى(ع): «لا تَدْعُنِي إِلاّ مُتَضَرِّعاً إِلَيَّ وَهَمَّكَ هَمّاً وَاحِداً، فَإِنَّكَ مَتَى تَدْعُنِي كَذَلِكَ أُجِبْك» (الكافي/ ج8/ ص133).

🔰أن "تجعلَ همّكَ همّاً واحداً" يعني أن تركّز ذهنَك وتلتفت إلى موضوع واحد، وهذا يعني "منتهى الالتفات"، أي لا تدع ذهنك يتشتت إلى أي مكان آخر. فإن دعوتَ الله بهذه الصورة فسيُجِبك لا محالة. لكننا، مع الأسف، عاجزون عن التركيز على شيء واحد أكثر من لحظة واحدة! وهذا ما لا جدوى منه. ومن هنا فإنه لا بد من التمرين للتمتع بقوة التركيز الذهني.

🌀يتبع...

حسينية آية الله حقشناس في 12/09/2018
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ







  رد مع اقتباس
قديم 02-07-2019, 04:37 PM   رقم المشاركة : 6
أنوار سجدة المهدي (عج)
منتسبة ( مدرسة السير والسلوك )







أنوار سجدة المهدي (عج) غير متواجد حالياً

افتراضي يقول الدين: أمسك زمام ذهنك بيدك!

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف وعجل فرجهم يا كريم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


🔸يقول الدين: أمسك زمام ذهنك بيدك!

🔸لماذا ينبغي لعامل خارجي أن يجذب انتباهك؟!

💠ضبط الذهن على طريق التقرب (المحاضرة3 ـ الجزء الأول)

🔹مع كل ما نحمله من ميول صالحة تتدهور – في العادة - أحوالنا ولا ننتهي إلى الصلاح! لماذا؟ إنه بسبب "الذكر"!

🔹لماذا الدنيا – كما في العادة - تجتذب الناسَ لكن الآخرة لا تفعل ذلك؟ ليس كون الدنيا نقداً هو ما يفسدك، بل ذكرُها والتفكير فيها هو الذي يفسدك!

🔹عن الإمام الصادق(ع): «الطَّاعَةُ عَلامَةُ الْهِدَايَةِ وَالْمَعْصِيَةُ عَلامَةُ الضَّلالَةِ وَأَصْلُهُمَا مِنَ‏ الذِّكْرِ وَالْغَفْلَة».
_____________
سماحة الشيخ بناهيان

🔰الشخص الذي في متناوله الكثير من الطعام ويُسرف في الأكل فإنه يضرُّ نفسَه أولاً ويصفه الناس بالشراهة ثانياً، أما الذي يبالغ في استعمال الوسائل الجاذبة للانتباه (مثل التلفاز، والنت، ..الخ) فلا يوصَف بأوصاف سيئة؛ لأنه ما يزال لا يُنظَر في مجتمعنا إلى هذا السلوك كسلوك سيّئ، والحال أن سوءه وضرره أكبر من الشراهة في الأكل بكثير.

🔰يقول علماء النفس: "الذي يُسرف في مشاهدة التلفاز يصاب بالخرَف". فاستماعك لحكاية من المذياع أفضل من مشاهدتك لمسلسل في التلفاز، لأن نشاطك الذهني (في الحالة الأولى) سيكون أكثر ولا يبقى ذهنك خاملاً إلى حد كبير! والذي يستخدم شبكة النت كثيراً يُصاب بما يشبه الإدمان!

🔰لقد استُحدِثَت في عصرنا وسائل وعوامل كثيرة لجذب انتباه الناس، والحق إن في هذا إهانة لشخصية الإنسان! فهذه الوسائل تقول لك: "دعني أحدد لك ما يجب عليك الانتباه إليه الآن!" أساساً لماذا ينبغي لعامل خارجي أن يجذب انتباهك؟! فعلى الإنسان أن يسعى للإمساك بزمام ذهنه بيده، وأن لا يُكثر من الحضور في أجواء يجتذب الآخرون فيها انتباهَه، وإن كانت محاضرة دينية جيدة! بمعنى أنك إذا أحببتَ دوماً أن يقوم غيرُك باستقطاب انتباهك إلى الأمور الروحانية كي تَصلُحَ حالُك، فهذا أيضاً غير مُحبَّذ!

🔰أفضل لحظات العبادة هي وقت السحر، حيث لا صلاة جماعة، ولا واعظ، ولا مجلس رثاء، ولا اجتماع دعاء، بل أنت ونفسُك ولا أحد غيرك! وهي لحظات حاسمة؛ فحاول أنت أن تجذب انتباهك إلى شيء ما. فإن استطعت التفكير في شيء معيّن، فهذا هو الصواب! وهذا واحد من أوجه قوة الإنسان، والله تعالى يحب الأقوياء.

🔰يطالبنا الدين بالإمساك بزمام أذهاننا بأيدينا، وقد ورد فيه الكثير من التعابير المشيرة إلى "ضبط الذهن"، ومنها لفظ "الذكر"؛ فالذكر يعني التحكم بالذهن في مقابل "الغفلة" وهي عدم السيطرة على الذهن؛ أي عدم القدرة على الالتفات إلى شيء ما.

🔰يقول الإمام الصادق(ع): «الطَّاعَةُ عَلامَةُ الْهِدَايَةِ وَالْمَعْصِيَةُ عَلامَةُ الضَّلالَةِ وَأَصْلُهُمَا مِنَ‏ الذِّكْرِ وَالْغَفْلَة» (مصباح الشريعة/ ص55). الميول الصالحة فينا كثيرة، وميولنا السيئة ضعيفة، وفي تلبية ميولنا الصالحة لذة أعظم، أما تلبية ميولنا السيئة فتبعث على الانزعاج (وإن كان فيها شيء من اللذة أحياناً). فلماذا إذن تتدهور – في العادة - أحوالنا ولا ننتهي إلى الصلاح؟ إنه بسبب الذكر!

🔰يظن الكثيرون أن الدنيا إنما تجتذب الإنسان لكونها متوفرةً نقداً ولحلاوتها، وأن الآخرة لا تجتذبنا لكونها آجلة ولأننا لم نذق حلاوتها، وهؤلاء مخطئون كل الخطأ! لماذا؟ لأن نقديّة حلاوة الدنيا تثبت لك بأن الدنيا ليست حلوة! بل أنت الذي تخدع نفسك! كما أن الآخرة أكثر حلاوة لكونها آجلة؛ ذلك أنّ تخيُّل الحلاوة أحلى من الحلاوة ذاتها!

🔰مع كل لذة من لذات الدنيا هناك ألم يجعلك تتقزز من هذه الدنيا! فلأن ذكر الدنيا أشد مثولاً في أذهاننا وأننا نذكرها أكثر فهي تجتذبنا. وكذا الحال بالنسبة للآخرة؛ فلأننا أقل ذكراً لها فإن قلوبنا أضعف مَيلاً إليها. بالطبع هذه حال الناس العاديين.

🔰أما الصالحون فإن الآخرة هي بمثابة النقد لهم: «..فَهُمْ وَالْجَنَّةُ كَمَنْ‏ قَدْ رَآهَا فَهُمْ فِيهَا مُنَعَّمُونَ، وَهُمْ وَالنَّارُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا فَهُمْ فِيهَا مُعَذَّبُون» (نهج البلاغة/ الخطبة193). الصالحون يشاهدون باطن الدنيا وخُبث السيئات، فتراهم عازفين عن الدنيا كالذي ينظر إلى مواد متعفّنة. لقد جلب الاستغراق في الخيال لصاحبه الشقاء حتى حَلَت الدنيا في عينه لكثرة ما فكّر فيها، ولشدة ما لقّنَ نفسَه بحلاوتها.

🔰ذكرُ الدنيا والغفلة عن الآخرة يفسدان الإنسان؛ إذن فالقضية قضية ذكرٍ وغفلة. فعن أبي عبد الله الصادق(ع) أنه قال: «إِذَا أَحْبَبْتَ شَيْئاً فَلا تُكْثِرْ مِنْ ذِكْرِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ‏ مِمَّا يَهُدُّك‏» (الكافي/ ج6/ ص459) أي مما يحطّمك! فليس كون الدنيا نقداً هو ما يفسد ابن آدم، بل ذكرُها والتفكير فيها هو الذي يفسده! إذن فكيف تنتظر من الآخرة، وهي الآجلة، أن تعمُرَك دون أن تذكرها وتفكّر فيها؟!

🌀يتبع..

حسينية آية الله حقشناس في 13/09/2018
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ







  رد مع اقتباس
قديم 03-07-2019, 05:30 PM   رقم المشاركة : 7
أنوار سجدة المهدي (عج)
منتسبة ( مدرسة السير والسلوك )







أنوار سجدة المهدي (عج) غير متواجد حالياً

افتراضي أيقظ ما في داخلك من خير بمعونة "الفكر والذكر"!

🔸مهارتان أساسيتان لضبط الذهن هما "الذكر" "والفكر"

🔸أيقظ ما في داخلك من خير بمعونة "الفكر والذكر"!

💠 (المحاضرة3 ـ الجزء الثاني)

🔹إذا أفلتَّ عنانَ فكرك انشغل في التُرّهات.

🔹من يُسرف في شغل ذهنه في "ما لا يملك" تتولد لديه عقدة.

🔹هناك في دواخلنا الكثير من الخير وعلينا إيقاظه وصقله بالفكر والذكر.
________________
سماحة الشيخ بناهيان

🔰من طبع الإنسان أنه إذا لم يملك شيئاً ما ازداد إصراراً على حيازته، بل ويتمادى في الأمر أحياناً إلى درجة أنه لا يعود يفكّر إلا بهذا الشيء، فتتولد عنده تدريجيا عقدة. فالذي يُسرف في التفكير في ما لا يملك ويركّز فكرَه على هذه الأمور كل تركيز تتولد عنده عقدة.

🔰يقول الإمام الحسن المجتبى(ع): «اجْعَلْ مَا طَلَبْتَ مِنَ الدُّنْيَا فَلَمْ تَظْفَرْ بِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِك‏» (كشف الغمة/ ج1/ ص572)؛ أي إذا أردت من الدنيا شيئاً فلم تحصل عليه فتخيّل وكأن هذا الشيء لم يخطر في بالك على الإطلاق؛ أي حُلّ القضية في ذهنك. والله لو وضعتَ هذا الكلام الانثروبولوجي العميق بين يدي علماء النفس لسَكَروا جذلاً!

🔰المهم هو أن نملك أزِمَّة أذهاننا. ولو فكّر الإنسان بالآخرة وانشغل بذِكْرِها لشعر بلذة لا يشعر بها في الدنيا. لكن أين هو الفكر؟! وأين هو الذكر؟! فلكي ننعم بفكر سليم وذكر قويم فلا بد من امتلاكنا القدرة على ضبط أذهاننا وأفكارنا. فهناك في دواخلنا الكثير من الخير وعلينا إيقاظه وصقله بالفكر والذكر السليمَين.

🔰عن إمامنا الحسن المجتبى(ع) أنه قال: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ وَإِدَامَةِ التَّفَكُّرِ فَإِنَّ التَّفَكُّرَ أَبُو كُلِّ خَيْرٍ وَأُمُّه‏» (مجموعة ورام/ ج1/ ص52)؛ وإدامة التفكّر تعني التفكير الطويل الأمد والعميق.

🔰ويقول أمير المؤمنين(ع) في الإنسان المؤمن: «يُصْبِحُ‏ وَشُغُلُهُ‏ الذِّكْرُ وَيُمْسِي وَهَمُّهُ الْفِكْرُ» (أعلام الدين/ ص140) فاهتمامه إما هو من نوع الذكر أو من جنس الفكر، والذكر والفكر مهارتان لضبط الذهن.

🔰«الْمُؤْمِنُ.. مَغْمُورٌ بِفِكْرَتِه» (نهج البلاغة/ الحكمة333) أي غارق في فكره. فكما يحتاج «الالتفات» إلى تمرين، فإن التفكير الرصين يتطلّب تمريناً أيضاً. بالطبع ليس هناك مَن لا يفكّر، لكنك إذا أفلَتَّ عنانَ فكرك انشغل في التُرَّهات. فالبعض إذا فكّر، فكّرَ في الحسرات والحسد والحرص، وراح ذهنه يفتش عن الخطط التي تزيده حطاماً إلى حطامه. فلا تنشغل أبداً بذكر ما لا تملك والتفكير فيه!

🔰اللهم جنّبنا البلايا التي تشغل فكرنا وتستحوذ على ذكرنا فتقودنا إلى الغفلة عنك. وأغدق علينا بغزارة نعمَك التي تشغل فكرَنا وذكرَنا كي نملّها لروتينها فلا تعود بعد ذلك تشغل فكرنا وذكرنا! لا يريدك الله تعالى أن لا تلتذ بالدنيا، بل يريد لك المزيد من اللذة، وهذه اللذة العظيمة ليست في الدنيا؛ فأعظم اللذة هي أن تلتذ بالله نفسه. لا بد أن تبلغ من الثقافة والنفسيّة مرحلةً تشعر فيها بالإهانة إذا حاول أحدهم صَرفَ فكرك عن الله عز وجل.

🔰هناك لضبط الذهن خمسةُ أوجه؛ بمعنى أن عليك أن تُحسن القيام بخمسة أمور لهذا الغرض: 1- أن تستطيع التفكير في، أو الالتفات إلى أي موضوع تريد أنت التفكير فيه أو الالتفات إليه، لا أي موضوع يجلب هو انتباهَك.
2- أن تتمكن من التفكير في، أو الالتفات إلى الموضوع الذي تحدّده أنت وبالمدة التي تشاء.
3- أن تَقدِر على التركيز على موضوع معيّن وبعمق، والتركيز العميق أمرٌ في غاية الصعوبة.
4- أن تستطيع صرف ذهنك عن التفكير في، والالتفات إلى الموضوع الذي تريد صرفَ ذهنك عنه؛ فإذا حاول الآخرون، مثلاً، لفت انتباهك إلى شيء ما استطعت أنت صرف ذهنك عنه وعدم التفكير فيه.
5- أن لا تسمح للأمور الباطلة والتافهة أن تلفت انتباهك وتستقطب تفكيرك كي لا تكون مُجبَراً على صرف ذهنك عنها، بل أن لا يُجذَب انتباهُك إلى شيء أبداً دونما إذن منك! وأن تتمكن من التأمّل بإسهاب في الأمور التي تجلب – عادة - الأفكار السيئة وتتسبب في الانتباه الفاسد، فتنظر إليها من زاوية جيدة، وهذه مهارة كان الأنبياء يمتلكونها!

🔰«رُوِيَ‏ أَنَّ عِيسَى(ع) مَرَّ وَالْحَوَارِيُّونَ عَلَى جِيفَةِ كَلْبٍ فَقَالَ الْحَوَارِيُّونَ: مَا أَنْتَنَ رِيحَ هَذَا الْكَلْبِ! فَقَالَ عِيسَى(ع): مَا أَشَدَّ بَيَاضَ‏ أَسْنَانِه» (مجموعة ورام/ ج1/ ص117). وهكذا هي نظرة صاحب الزمان(عج) إلينا، فهو لا ينظر إلى ما فسد وتهاوى من أرواحنا، بل يقول ما إن يرانا قادمين: "جاء الباكي على حبيبي الحسين..!"

🌀يتبع...

حسينية آية الله حقشناس في 13/09/2018
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ







  رد مع اقتباس
قديم 03-08-2019, 09:01 AM   رقم المشاركة : 8
أنوار سجدة المهدي (عج)
منتسبة ( مدرسة السير والسلوك )







أنوار سجدة المهدي (عج) غير متواجد حالياً

افتراضي عبر "ضبط الذهن" يمكن تغيير الرغبات

🔸عبر "ضبط الذهن" يمكن تغيير الرغبات

🔸إن لم تفكّر في الرغبة المذمومة ضَعُفَت، وإن فكّرتَ في الرغبة الممدوحة قويَت!

💠 (المحاضرة4 ـ الجزء الأول)

🔹لا يقول الدين: "لا تَسعَ وراء الرغبات السيئة" فحسب، بل يقول: "غيّر رغباتِك"!

🔹لماذا تحرض الثقافةُ الغربية الإنسانَ على السعي وراء رغباته؟!

🔹الذي لا هم له سوى "توفير ما يرغب فيه" فإنه سيضعف، أما الذي "يحاول تغيير رغباته" فإنه سيقوى!

🔹هناك طريقان لتغيير الرغبات: أولهما العمل والسلوك (سيّما العمل المتواصل)، وثانيهما ضبط الذهن.

🔹ذهن الإنسان هو موضع أعظم الأجور وأكبر الذنوب.
____________
سماحة الشيخ بناهيان

🔰إذا تعلم الإنسان منذ نعومة أظفاره على تغيير رغباته عاش إنساناً قوياً سعيداً. ينزعج الكثيرون حين يقول لهم الدين: "أقلعوا عن الرغبات السيئة" لأنهم عاجزون عن مخالفة أهوائهم، ويستاء غالبية الناس حين يأمرهم الدين بفعل الصالحات، وذلك لكونهم غير راغبين فيها.

🔰لا يكتفي الدين بقوله للإنسان: "لا تَسعَ وراء الرغبات السيئة"، أو "افعل الصالحات حتى وإن لم تشعر بالمَيل إليها" بل الأهم هو قوله له: "غيِّر رغباتِك".

🔰خلافاً للحيوان فقد أُودِعَت في الإنسان "القدرة على تغيير الرغبات"، فهو قادر على تغيير ميوله كلها. ولو استطاع الإنسان تغيير ميوله ورغباته لكان من ميسوره أن يرغب في الموت، ويقطع تعلّقَه بالدنيا، ويمحو حسدَه وتكبّره. ولا يظلم الله تعالى عبده، بل يقول له: "غيّر ميولك شيئاً فشيئاً؛ خطّط أوّلاً، ودبّر شؤونك ثانياً، ثم تحرّك!" أما الثقافة الغربية، التي صمّمها الصهاينة لاستعباد البشر، فتقول للإنسان: "اسعَ وراء رغباتك!"

🔰عملية تغيير الرغبات والميول جذابة ومسلّية إلى أبعد الحدود وتبعث على نشاطٍ وقوة عظيمَين. فالذي لا هَمّ له سوى توفير ما يرغب فيه، دونما تغيير في رغباته أو تحكّم بها فإنه سيضعف، أما الذي يحاول تغيير ميوله فإنه سيقوى. فكما تقوى عضلات اللاعب إذا مارس الرياضة، فإن "عضلات" روح الإنسان ستقوى إذا عمل على تغيير رغباته.

🔰هناك طريقان لتغيير الرغبات: الأول هو "العمل والسلوك"، سيّما العمل المتواصل، والثاني هو "ضبط الذهن". ففي أيّ موضوع يفكر الإنسان وإلى أيّ شيء يلتفت فإنه يقوّي الرغبة في هذا الشيء في نفسه؛ بالضبط كعملية نموّ النبتة إذا أشرقت عليها أشعة الشمس. فإذا لم ينظر الإنسان إلى شيءٍ وعمل على إهماله ضعُفَ مَيلُه إليه في نفسه. إن لم تفكّر في الرغبة المذمومة ضَعُفَت، وإن فكّرتَ في الرغبة الممدوحة قويَت! يقول أمير المؤمنين علي(ع): « مَنْ كَثُرَ فِكْرُهُ فِي اللَّذَّاتِ غَلَبَتْ عَلَيْه» (غرر الحكم/8564). فالبعض لا يتقن الفنّ القائل بأنه "يجب عدم التفكير في بعض الأمور"!

🔰لماذا نقول: "ضبط الذهن" ولا نقول: "ضبط الفكر"؟ لأن بعض الأشياء لا يجوز حتى الالتفات إليها للحظة، فما بالك بالتفكير فيها. ولماذا نقول: "التحكم بالذهن" ولا نقول: "التحكم بالالتفات"؟ لأن الغرض هو أن تحاول أن لا تعلم مجرد عِلم ببعض الأشياء، فالتحكّم بالذهن يسيطر على علمنا ببعض الأمور. فالعلم ببعض الأمور حرام أساساً؛ كالاستماع إلى الغيبة: «وَقَفُوا أَسْمَاعَهُمْ‏ عَلَى‏ الْعِلْمِ‏ النَّافِعِ‏ لَهُم‏» (نهج البلاغة/ الخطبة193)؛ فالمؤمن يخصص سمعَه لاستماع العلم النافع ويحرّم على نفسه الاستماع إلى شيء آخر، وهذا هو ضبط الذهن!

🔰أسوأ المعاصي تُقترَف على مستوى الذهن، مثل الرياء. ففي ذهنك تقول: "فلان أُعجب بي!" وبمجرّد أن يخطر هذا الخاطر في ذهنك يذهب فعل الخير الذي أتيت به أدراج الرياح! وأسوأ من هذا الذنب هو العُجب بالنفس. فعن أبي عبد الله(ع) أنه قال: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيُذْنِبُ الذَّنْبَ فَيَنْدَمُ عَلَيْهِ وَيَعْمَلُ الْعَمَلَ فَيَسُرُّهُ ذَلِكَ فَيَتَرَاخَى عَنْ حَالِهِ تِلْكَ فَلأَنْ يَكُونَ عَلَى حَالِهِ تِلْكَ خَيْرٌ لَهُ مِمَّا دَخَلَ فِيهِ» (الكافي/ ج2/ ص313)؛ أي إن الذنب أفضل من أن لا تذنب ثم تُعجَب بنفسك. والعُجب - في الحقيقة - شيء يحصل في الذهن؛ وهو أن ترى النصف الممتلئة من كأسك فيما يتصل بربك، ولا ترى النصف الممتلئة من كأس الله فيما يرتبط بك؛ فلا ترى مدى ما أسبغه الله تعالى عليك من النعم، وكم هو خليق بك أن تعمل لمرضاته!

🔰كما أن أكبر الذنوب موضعه الذهن، فإن أعظم الأجر محله الذهن أيضاً. "فالتوبة" في الحقيقة تمثل لحظة التفاتة حسنة. السعادة التي نالها "الحر" في كربلاء كانت بسبب تلك اللحظة التي خامرته فيها التفاتة حسنة. لقد قال له الإمام الحسين(ع): «ثكلتك أمُّك!» فلما هَمّ الحر بالردّ عليه التفتَ لحظةً لأم الحسين(ع) فاطمة الزهراء(س)..!

🌀يتبع...

حسينية آية الله حقشناس في 14/09/2018
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ







  رد مع اقتباس
قديم 03-27-2019, 02:16 PM   رقم المشاركة : 9
أنوار سجدة المهدي (عج)
منتسبة ( مدرسة السير والسلوك )







أنوار سجدة المهدي (عج) غير متواجد حالياً

افتراضي خير محل للإفادة من قابلية ضبط الذهن "الصلاة"

🔸خير محل للإفادة من قابلية ضبط الذهن "الصلاة"

💠ضبط الذهن على طريق التقرب (المحاضرة 4 ـ الجزء الثاني)

🔹إذا امتلكتَ القابلية على ضبط الذهن فسوف لا تلتفت إلى توافه الأمور.

🔹يقول أمير المؤمنين(ع): «عَظِّمُوا أَقْدَارَكُمْ‏ بِالتَّغَافُلِ‏ عَنِ‏ الدَّنِيِّ مِنَ الأُمُور».

🔹ماذا أصنع كي ألتفت إلى الله أثناء الصلاة؟ كلما تحوّلَ ذهنُك عن الصلاة أَرجِعهُ إليها.

🔹إذا توجّهتَ إلى الله تعالى أثناء الصلاة، توجّهَ الله إليك وجعلك محبوبَه.
____________
سماحة الشيخ بناهيان

🔰من المهم جداً أن يتمكن الإنسان من التفكير في موضوع ما بعمق؛ كأن يفكر بعمق في الموت ولحظات نزع الروح مثلاً. فلو أمعَنتَ النظر لرأيت أن حلاوة جميع لذات الدنيا ستزول في تلك اللحظة، وعندها سوف لا تبقى لأي شيء تملكه في الدنيا أي قيمة. فانظر ما الذي سيبقى لك في تلك اللحظة؟ واشغل نفسك من الآن بهذا الشيء بالذات. يقول أمير المؤمنين علي(ع) في وصف المتّقين: «قُرَّةُ عَيْنِهِ‏ فِيمَا لا يَزُول» (نهج البلاغة/ الخطبة193).

🔰الناس بطبعهم إذا تمكنوا من التركيز على موضوع جيد للحظة فرَّت أذهانُهم بسرعة إلى شيء آخر، أي إنهم عاجزون عن حفظ تركيزهم على الموضوع الأول. لكن السيطرة على الذهن تمنح الإنسان القابلية على التركيز بعمق على موضوع جيد لمدة من الزمن.

🔰إذا امتلكتَ القابلية على ضبط الذهن فسوف لا تلتفت إلى توافه الأمور. يقول أمير المؤمنين(ع): «عَظِّمُوا أَقْدَارَكُمْ‏ بِالتَّغَافُلِ‏ عَنِ‏ الدَّنِيِّ مِنَ الأُمُور» (تحف العقول/ ص224)؛ أي لا تلتفتوا إلى الأمور العديمة القيمة كي تعلو قيمتكم.

🔰الكثيرون يجلسون لمشاهدة الأفلام والمسلسلات، لكن إذا سألت أحدهم: "ما أثر هذا الفيلم فيك؟ وما الذي ستفعله فيك هذه الأمور التي تدخل إلى ذهنك؟" قال: "لا أدري!" يقول القرآن الكريم: «فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِه» (عبس/24)، ولا يختص هذا النظر بغذاء البدن، بل على المرء أن يدقق في كل ما يريد سماعه أو رؤيته وكل شيء يمكنه أن يؤثر على ذهنه.

🔰تعطي قابليةُ ضبط الذهن صاحبَها القدرة على تغيير رؤيته، أو إخراج فكرة من رأسه وعدم التفكير فيها، وخير محل للإفادة من هذه القابلية هو "الصلاة".

🔰عن النبي(ص) أنه قال: «إِذَا قَامَ الْعَبْدُ إِلَى الصَّلاةِ فَكَانَ‏ هَوَاهُ‏ وَقَلْبُهُ‏ إِلَى اللهِ‏ تَعَالَى انْصَرَفَ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّه» (مستدرك الوسائل/ ج4/ ص102)؛ أي إذا وجّهَ الإنسان هواه وقلبه أثناء الصلاة إلى الله تعالى (وسيطر على ذهنه فيها) فسيرجع إذا انتهى من الصلاة كيوم ولدته أمه. إذن بركعتَي صلاة يستطيع الإنسان أن يلتفت إلى الله ويكتسب كل هذه النوارنية! غير أننا – مع الأسف – لا نلتفت عادةً إلى الله أثناء صلواتنا، لأننا لا نقوى على ذلك، وإن طيور أخيلتنا وأذهاننا لا تنفك تحلّق هاهنا وهاهناك.

🔰إن كان لأحد مشكلة فهل عليه أن لا يفكر فيها أثناء الصلاة؟ يقول آية الله الشيخ بهجت(ره): "إذا لم تفكر في مشكلتك أثناء الصلاة ستجد، إذا فرغتَ من الصلاة، أن حلها سيكون أسهل". البكاء على الأمور الدنيوية يُبطل الصلاة، لكنهم يقولون: "حاول أن تبكي في صلاة الليل ولو بمقدار جناح بعوضة!" وهذا هو "ضبط الذهن". فلماذا قالوا: "تضرّع في الدعاء؟" إنها السيطرة على الذهن. فإذا التفت الإنسان إلى دعائه جرَت دموعُه.

🔰"التوجّه إلى الله بحضور قلب كامل" هو شأن أمير المؤمنين(ع)، أما نحن فإن التفَتنا إلى الله ولو بجزء يسير من قلوبنا حظينا بحال معنوية وحصلنا على المراد. فقد سُئل آية الله بهجت(ره): "ماذا أصنع كي أُقبِل على الله أثناء الصلاة؟" فقال: "كلما تحوّلَ ذهنُك عن الصلاة أرجِعهُ إليها" (به سوى محبوب «نحو المحبوب»(بالفارسية)/ ص63).

🔰وعن الإمام الصادق(ع): «..فَلَيْسَ مِنْ مُؤْمِنٍ‏ يُقْبِلُ‏ بِقَلْبِهِ‏ فِي‏ صَلاتِهِ‏ إِلَى اللهِ إِلاّ أَقْبَلَ اللهُ إِلَيْهِ بِوَجْهِهِ وَأَقْبَلَ بِقُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَيْهِ بِالْمَحَبَّةِ لَهُ بَعْدَ حُبِّ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إِيَّاه‏» (ثواب الأعمال/ ص135)، فإذا التفتَّ إلى الله تعالى أثناء الصلاة، التفتَ الله إليك وجعلك محبوبَه.

🔰فلنحاول قراءة سورة الحمد في صلواتنا بالتفات وحضور قلب. «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيم»، ثم نعود فنقول ثانية: «الرَّحْمٰنِ الرَّحِيم». إلهي، كم تصرّ على أن أراك رحمٰناً رحيماً! «صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِم» خُذني في صراط عليّ(ع) حيث أسبغتَ عليه كل تلك النعم. «غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم»، ففي سورة الحمد رثاء أيضاً! تقول: إلهي، لا تأخذني في طريق من أنزلتَ عليهم غضبَك، مثل قَتَلة الإمام الحسين(ع)، وأمثالهم، فأنا أبغضهم.

🌀يتبع...

حسينية آية الله حقشناس في 14/09/2018
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ







  رد مع اقتباس
قديم 04-04-2019, 09:11 AM   رقم المشاركة : 10
أنوار سجدة المهدي (عج)
منتسبة ( مدرسة السير والسلوك )







أنوار سجدة المهدي (عج) غير متواجد حالياً

افتراضي إن لم تمارس "ضبط الذهن" فسيمرض ذهنُك تلقائياً!

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الاشراف وعجل فرجهم يا كريم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

🔸إن لم تمارس "ضبط الذهن" فسيمرض ذهنُك تلقائياً!

🔸لماذا نَفسَد إن تركنا أنفسَنا على أهوائها؟ أوَليسَت فطرتُنا إلهية؟!

💠ضبط الذهن على طريق التقرب (المحاضرة5 ـ الجزء الأول)

🔹الإنسان إذا لم يتربَّ فسَدَ بسبب عدوّه الخارجي (إبليس) وعدوّه الداخلي (النفس).

🔹في ذهن الإنسان قِسمٌ نشط إذا لم يسيطر عليه أخذَه باستمرار نحو المخاوف.

🔹الله تعالى مُطّلع على ما يخطر في أذهاننا، فإن خطرَ فيها ذنب أو فكرة سيئة كان علينا الاستغفار منها.
______________
سماحة الشيخ بناهيان

🔰يقول أمير المؤمنين(ع): «أَكْرِهْ‏ نَفْسَكَ‏ عَلَى‏ الْفَضَائِلِ‏ فَإِنَّ الرَّذَائِلَ‏ أَنْتَ مَطْبُوعٌ عَلَيْهَا» (غرر الحكم/2477). فإن أنت لم تحمل نفسك على الفضائل والحالات الجيدة فستسوء حالُك الروحية من جهة، وتتردَّى أفعالُك من جهة أخرى.

🔰لماذا نفسَد إن ترَكْنا أنفسَنا على أهوائها؟ أوَليست فطرتُنا إلهية، لقوله تعالى: «فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا» (الروم/30)؟! أفهَل نحن أناسٌ سيّئون من الأساس؟ كيف ذلك والله يُقسم بنفس الإنسان وبمَن سَوّاها بهذه الروعة حيث يقول: «وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا» (الشمس/7)؟!

🔰نحن - من ناحية - "أناس صالحون أساساً" لكننا - من ناحية أخرى – "إذا تركنا أنفسنا على أهوائها فسَدنا!" فلماذا نحن هكذا؟ لأن الطعام مهما كان جيداً ومفيداً سيفسد إن لم تضعه في البرّاد. فلا بد من وضع الطعام في مكان مناسب، وإلا أبادته الجراثيم والكائنات التي تحب التغذّي عليه. والخطر هذا ماثل للإنسان كذلك؛ فالجرثومة التي خُلقَت قبل خلق الإنسان، وهي عدوّته أيضاً، هي "إبليس".

🔰بعيداً عن وجود إبليس (العدو الخارجي) فإن الآلية الداخلية للنفس البشرية هي على نحوٍ بحيث إذا لم يتربَّ الإنسان فسَد. فالإنسان شغوف بالتكامل أيّما شغف، وبسبب شغفه هذا تراه يستعجل بلوغ هذا التكامل فيُفسِد كل شيء، إلا إذا علّمتَه الصبر. شأنه في ذلك شأن الطاقة النووية، فهي إن تُركَت لحالها ولم يسيطَر عليها دمّرَت كل شيء، أما إذا تم التحكّم بها واستُعملت داخل المفاعل النووي بصورة مدروسة ومحسوبة، فستكون في منتهى الفائدة.

🔰إذا لم يتمرّس الإنسان على "ضبط ذهنه" فسوف لا يكتسب القدرة على السيطرة عليه وسيمرض ذهنُه بشكل تلقائي. فإن لذهن الإنسان قدرات وخصائص علينا أن نتحكّم بها ونستعملها بالشكل الصحيح، لا أن نتركها، ومن هذه الخصائص "القلق والخوف". وليس من السيّئ أنْ يُوجِس الإنسان خِيفة من خطرٍ ما أو يقلق من ضررٍ ما، لكنك إن تركت هذه المخاوف والهواجس لحالها ولم تسيطر عليها فستعمل – تدريجياً - على تحويلك إلى عنصر جبان وضعيف في المجتمع!

🔰من خصائص الذهن الأخرى "التحسّر"، ولولا حسّ اللّوم هذا في الإنسان لما تاب من معاصيه أبداً، وإنه بقوة "النفس اللوامة" يستطيع الإنسان النجاة من "نفسه الأمارة". لكنك إن أطلقتَ لهذه القوة اللوامة العنان فستعمل على تدمير ذهنك وروحك كما تعمل الطاقة النووية المنبعثة على تدمير كل شيء. فليس من حقك أن تلوم نفسك كيفما اتّفَق، ولو كان بسبب المعاصي! فإن البعض يلوم نفسه جراء المعصية بطريقة تُدخل اليأس والإحباط إلى نفسه، وهذا خطأ!

🔰يوجد في ذهن الإنسان قسم نشط للغاية وهو ينشط لوحده وبشكل تلقائي، ويجلب هذا القسم للذهن "أفكاراً مُقلقة"، ويتوجّب علينا السيطرة على هذا القسم. يقول علماء النفس: إذا لم نسيطر على هذا القسم النشط من الذهن فسيأخذنا باستمرار إلى القلق والمخاوف. على أن هذا القسم النشط من الذهن قد جُعل لحفظنا (فهو، مثلاً، يقول لنا: حذار من كذا، وإياك وكذا،..) وعليك أن تضبط هذا القسم من الذهن، سواء أسُمّيَت هذه العملية "تأمّلاً"، أو "قوّة تركيز"، أو "قدرة ضبط الذهن".

🔰ونستطيع الاستعاضة عن مصطلح "الضبط" بمصطلح "المراقبة" فنقول: ضبط الذهن هو مراقبته وعدم السماح له بالتجوال في أي مكان.

🔰يقول آية الله حقشناس(ره): "مقام المراقبة هو أن نعرف بأننا في محضر مَن يطّلع حتى على خواطر أذهاننا وتصوّرات ضمائرنا". فقد جاء في الحديث في معنى قوله تعالى: «وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (الحديد/6)، قال: بِالضَمَائِر» أي بما يخطر في أذهاننا من تصوّرات، فإن الله تعالى يعلم حتى بهذه الخواطر.

🔰ثم قال سماحته(ره): "حتى إذا تخيّلتَ المعصية فإنك في حضور الله تعالى ومحضره". أي لا تذهب بذهنك صوب المعصية! فإنْ خطرَت في أذهاننا معصية أو فكرة سلبية كان علينا الاستغفار منها.

🌀يتبع...

حسينية آية الله حقشناس في 15/09/2018
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ







  رد مع اقتباس
قديم 04-04-2019, 10:08 AM   رقم المشاركة : 11
أنوار سجدة المهدي (عج)
منتسبة ( مدرسة السير والسلوك )







أنوار سجدة المهدي (عج) غير متواجد حالياً

افتراضي "التقوى الذهنية"

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف وعجل فرجهم يا كريم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

🔸"التقوى الذهنية" هي أن تراقب ذهنك وتمنعه من التجوال أينما كان.
🔸يريد الله في الصلاة أن يعرف: أين يتجوّل القسم اللاواعي من ذهنك؟

💠ضبط الذهن على طريق التقرب (المحاضرة5 ـ الجزء الثاني)

🔹يقول علم النفس: القدرة على ضبط الذهن تؤثر حتى على جسم الإنسان.

🔹عندما لا يكون من الضروري للذهن أن يعمل ينشط " القسم اللاواعي من الذهن".

🔹كيف لنا أن نسيطر على القسم اللاواعي من ذهننا؟

🔹الذي يكون ذهنُه وقلبُه منشغلاً بشدة فإنّ عليه أن يُكثر من الاستغفار، فإن هذا عقاب من الله!
____________
سماحة الشيخ يناهيان

🔰أحياناً يُستعمل مصطلح "meditation" (التأمّل) للتعبير عن "القدرة على ضبط الذهن". ويقول علماء النفس: "التأمّل (مدِتَيشن) أشد أثراً من أقوى العقاقير في علاج الاكتئاب!" ونحن ندعو هذه القدرة: "التقوى الباطنية" أو "التقوى الذهنية" أو "التقوى الروحية"؛ وهي أن تراقب ذهنك وتمنعه من التجوال أينما كان. يقول دانييل جولمان في كتابه "الصفات المُعَدَّلة": "يكشف العلم كيف يغيّر التأمّلُ ذهنَك ودماغَك وجسمَك".

🔰ويضيف جولمان: "حينما لا ينجز الإنسان أي نشاط يحتاج إلى جهد ذهني، ينشط الوضع الافتراضي للذهن". فإن جزءاً من ذهن الإنسان مسؤول عن القيام بالنشاطات التلقائية اللاواعية". فعندما لا يكون من الضروري للذهن أن يعمل أو يدقّق ينشط هذا القسم من الذهن. ومن جملة الأعمال التي لا تحتاج إلى جهد ذهني هي "الصلاة"؛ لأنك تأتي بالصلاة عن حفظ وهي روتينية بالنسبة لك، ولهذا يُترَك ذهنُك على هواه (وأكثر ما يُترك الذهن على هواه أثناء صلاة الجماعة).

🔰يريد الله أثناء صلاتك أن يعرف: "أين يتجوّل القسم اللاواعي من ذهنك؟ وهل باستطاعتك أساساً أن تسيطر على ذهنك أم لا؟" فمن جُملة الحِكَم المهمة للصلاة، التي هي ركن ديننا، هي معرفة قدرة الإنسان على ضبط ذهنه.

🔰بما أن الصلاة عملية روتينية للغاية فإن قسمَ الذهن المسؤول عن النشاطات التلقائية واللاواعية ينشط أثناء الصلاة، وهاهنا بإمكانك أن تدرك القيمة المودعة في خلقتك. فإذ أنك من المصلين، فإن عليك أن تُقبل على الله في أشدّ الحالات روتينية.

🔰عندما يقوم المرء بأعمال لا تحتاج إلى نشاط ذهني، ينشط لديه وضع الذهن الافتراضي. يقول جولمان في هذا الصدد: "تخطر في الذهن، في هذه الحالة، أفكار وأحاسيس هي في أغلبها مزعجة." فحين ينشط هذا القسم من ذهنك، وهو غالباً سلبي، تصبح معظم الخواطر التي تَفِد على ذهنك من نوع "سوء الظن بالله".

🔰ويضيف جولمان: "الوضع الافتراضي للذهن يتوقف أثناء القيام بتمارين الوعي... وبمواصلة هذه التمارين يتحوّل توقًّف الوضع الافتراضي للذهن إلى حالة ثابتة، بل ويقل نشاط الذهن حتى أثناء الوضع المذكور." أي إن عليك أن تمارس تمارين تساعدك على السيطرة على ذهنك كي لا يذهب - في الأوقات التي لا تحتاج فيها إلى نشاطٍ ذهني – صوبَ الأمور السلبية، بل يتَّجه نحو الأمور الإيجابية.

🔰يقول سماحة الإمام الخميني(ره) لولَده: "أنا في أي لحظة أقرّر أن لا أفكّر في شيء فإنّي لا أفكر فيه." ويقول علماء النفس أيضاً: "لا ينبغي لأذهاننا أن تعمل دون إرادتنا"، وفي هذا تكمن نجاة الإنسان، فحتى العرفان يقول بهذا. ففي أي حقل يتقدّم العلم البشري تراه يقترب من الدين.

🔰عن الإمام الصادق(ع) أنه قال: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيَنْوِي الذَّنْبَ‏ فَيُحْرَمُ‏ رِزْقَه» (المحاسن/ ج1/ ص116)؛ أي بمجرد أن يخطر ذنب في ذهن المؤمن يُنقصون من رزقه. ولماذا؟ فهو لم يفعل شيئاً بعد! لأن النشاط الذهني هو في الحقيقة شكل من أشكال الفعل، فكما قد مرّت الإشارة إليه فإن بعض أفعال الإنسان ونشاطاته باطني، وبعضها الآخر ظاهري.

🔰ذهن الإنسان عزيز جداً عند الله تعالى. فمتى ما خطرَت في ذهنك معصية أو أي فكرة سلبية أو باطلة فإن عليك أن تطردها على الفور معاتباً ذهنَك: "إلى أين أنت ذاهب؟!"

🔰يقول آية الله حقشناس(ره): "يخاف أولياء الله من خواطر الذهن، فلا بد للخواطر الذهنية والقلبية هذه أن تُمحى من ذهن الإنسان وقلبه عن طريق الإقبال على الله. عليك أن تمكث طويلاً في مقام المراقبة كي تَمَّحي خواطر قلبك تماماً، وتغدو صفحته نيّرة، وتكون مَقَرّاً لله تعالى".

🔰ويضيف سماحته(ره) أيضاً: "يقول الله عز وجل: "إذا لم تفرّغ نفسَك لعبادتي فسأشغَل ذهنك وقلبك أيما شغل"، «إِنْ لا تَفَرَّغْ‏ لِعِبَادَتِي أَمْلأْ قَلْبَكَ شُغُلاً بِالدُّنْيَا» (الكافي/ ج2/ ص83). فالذي يكون ذهنُه وقلبُه منشغلاً بشدة فإنّ عليه أن يُكثر من الاستغفار، فإن هذا عقاب من الله! فلا بد لذهنك أن يكون فارغاً. والله تعالى إنما يُدخِل الجنَّة أولئك الذين يسعَون في جعل دنياهم فردوساً ويعيشون فيها كعيش أهل الجنة. ثم يقول(ره): "كلما أقبلتَ على الله عز وجل قلَّتْ خواطر ذهنك وقلبك، وهذا بحد ذاته دليل على وجود الله".

حسينية آية الله حقشناس في 15/09/2018
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يتبع







  رد مع اقتباس
قديم 04-11-2019, 03:42 PM   رقم المشاركة : 12
أنوار سجدة المهدي (عج)
منتسبة ( مدرسة السير والسلوك )







أنوار سجدة المهدي (عج) غير متواجد حالياً

افتراضي من أكبر الذنوب سوء الظن بالله تعالى وهو ذنب يحصل على مستوى الذهن.

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين الاشراف وعجل فرجهم يا كريم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

🔸اضطراباتنا النفسية هي نتيجة انصراف أذهاننا إلى سوء الظن بالله تعالى.
🔸إن أردتَ الاستمتاع بحياتك بالقدر الكافي فعليك بضبط ذهنك.

💠ضبط الذهن على طريق التقرب (المحاضرة6 ـ الجزء الأول)

🔹الحكمة من التربية الروحية للصلاة هي ضبط الذهن، لأن "الإقبال" هو أصل حقيقة الصلاة.

🔹تنشأ الكثير من الأمراض من الأفكار السلبية وأنواع الاضطرابات النفسية ذات المنشأ الذهني.

🔹من أكبر الذنوب سوء الظن بالله تعالى وهو ذنب يحصل على مستوى الذهن.

🔹إن لم تسيطر على ذهنك وخطرَت فيه أشياء سيئة ابتلاك الله بهذه الأشياء نفسها.
_____________
سماحة الشيخ بناهيان

🔰لو لم يكن الدين سوى منهج لضبط السلوك واقتصر على تقويم تصرّفاتنا لما كان ذا وزن وقيمة كبيرَين، لأنه لا يتناول البُعد الفكري للإنسان، في حين أن معظم وجود الإنسان إنما يتجلى في بُعد فكره وخياله وأحواله الباطنية. فإن من المناهج المهمة التي يوليها الدين اهتمامَه هي قدرتنا على ضبط تصرفاتنا الباطنية والذهنية؛ فنجتنب الحرام هناك، ونقوم بالصالحات هناك.

🔰من السيّئ جداً أن لا يتحكّم المرء بتصرّفاته؛ كأن لا يسيطر على سلوك بصره، أو لا يضبط حركات يديه ورجليه، فشخص كهذا مريض في واقع الأمر! وإنّ لضبط الذهن نفس هذه الأهمية، بل وأكثر! فالقوة التي تساعد على ضبط الذهن هي قوة في منتهى العظمة، وإذا امتلك الإنسان القدرة على عدم السماح لذهنه بالتوجّه إلى أي مكان فهذه حالة عظيمة في الإنسان. والإسلام لم يقف من هذا الموضوع موقف اللامبالي. ليس هذا فحسب، بل وجعل أهم هدف لمنهجه التربوي، أي "الصلاة"، هو ضبط الذهن.

🔰الحكمة من التربية الروحية للصلاة هي ضبط الذهن، لأن "الإقبال" هو أصل حقيقة الصلاة. فالذي يهمّ الدين فينا هو إقبالُنا، ولذا فقد أعدّ له منهجاً من خمس حصص في اليوم (الصلاة)، في حين أنه لا يوجد لأكثر الواجبات الأخرى، كالخُمس والزكاة، منهج يومي. يقول رب العزة: «أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي» (طه/14)؛ أي من أجل ذكري! وعن الإمام الباقر(ع): «إِذَا قُمْتَ فِي الصَّلاةِ فَعَلَيْكَ‏ بِالإِقْبَالِ‏ عَلَى‏ صَلَاتِكَ‏ فَإِنَّمَا يُحْسَبُ لَكَ مِنْهَا مَا أَقْبَلْتَ عَلَيْه» (الكافي/ ج3/ ص299)، والإقبال هو تحديداً ضبط الذهن.

🔰تظهر آثار ضبط الذهن على حياة الإنسان كلها؛ فمن ناحية إذا أردتَ الاستمتاع بحياتك بالقدر الكافي فعليك بضبط ذهنك. فإن لم تَرِد إلى ذهنك غير الأفكار الجيدة فأول آثار هذا هو الاشتياق؛ فمَن يكون فكرُه غارقاً في الجمالات المعنوية يكون مفعماً بالاشتياق والحماس! ومن ناحية أخرى فإن الكثير من أمراضنا تأتي من الأفكار السلبية وأنواع الاضطرابات النفسية ذات المنشأ الذهني. وحتى وسواس إبليس فإن أغلبه في الذهن، كما أن تديّننا وروحانياتنا هي الأخرى في الذهن.

🔰إن من أسوأ الذنوب هو "سوء الظن بالله تعالى". أتعلم كم مرة نرتكب هذا الذنب في اليوم؟ فما اضطراباتنا النفسية وما مخاوفنا وهواجسنا إلا بسبب هذا الذهن إذا انصرفَ إلى سوء الظن بالله. وأطيب فاكهة في عالم الوجود هي أن لا يرِدَ سوءُ الظن بالله إلى أذهاننا لحظة واحدة؛ فلا نظن لحظة أننا في عزلة، وأنّ الله قد تركنا، أو أنه لا يحبنا إلا قليلاً!"

🔰يقول آية الله حقشناس(ره): "إن الله تبارك وتعالى يُرِي نفسَه لعباده دائماً. فإنْ أقبَلتَ على الله مَحَى لك سائرَ خواطر ذهنك". على أن الإمام الخميني(ره) فقط هو الذي تَمَّحي من ذهنه جميع الخواطر، ويكون بكل كيانه في حضور ومحضر رب الأرباب. أما باقي الناس فتضعف خواطر أذهانهم وقلوبهم بهذا (ولا تمّحي جميعاً).

🔰ورَدَ في الحديث أنه إذا وقف العبد للصلاة وقال: "الله أكبر" دون أن يكون مُقبلاً على الله: «فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى إِذَا اطَّلَعَ عَلَى قَلْبِ الْعَبْدِ وَهُوَ يُكَبِّرُ وَفِي قَلْبِهِ عَارِضٌ عَنْ حَقِيقَةِ تَكْبِيرِه‏» قال له عزّ وجلّ: «يَا كَاذِبُ‏! أَتَخْدَعُنِي؟!» (مستدرك الوسائل/ ج4/ ص96)، لماذا لستَ مُقبلاً بذهنك إلَيَّ؟! وعن الإمام الباقر(ع) أنه لا تنال من صلاتك إلا المقدار الذي تُقبِل فيه على الله: «إِنَّمَا لَكَ مِنْ صَلاتِكَ مَا أَقْبَلْتَ عَلَيْهِ مِنْهَا فَإِنْ‏ أَوْهَمَهَا كُلَّهَا أَوْ غَفَلَ‏ عَنْ أَدَائِهَا لُفَّتْ فَضُرِبَ بِهَا وَجْهُ صَاحِبِهَا» (الكافي/ ج3/ ص363).

🔰يتعامل الله مع عملية ضبطنا للذهن بحساسية! فإن لم تتسلّط على ذهنك ووردَت عليه أمور سيئة ابتلاك الله بهذه الأمور نفسها. وكان رسول الله(ص) يقول: «مَنْ‏ أَسَرَّ سَرِيرَةً أَلْبَسَهُ‏ اللهُ رِدَاءَهَا، إِنْ خَيْراً فَخَيْرٌ وَإِنْ شَرّاً فَشَرٌّ» (الكافي/ ج2/ ص296).

🔰اللهم أَزِل عن أذهاننا كل خاطرةِ سوء، وهَبْنا القدرة على ضبط أذهاننا كي نتمتع بمواهب الحياة والعبودية، ولا نُبتلى بألوان الخسران المعنوي والمادي.


حسينية آية الله حقشناس في 16/09/2018
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ







  رد مع اقتباس
قديم 05-08-2019, 06:00 PM   رقم المشاركة : 13
أنوار سجدة المهدي (عج)
منتسبة ( مدرسة السير والسلوك )







أنوار سجدة المهدي (عج) غير متواجد حالياً

افتراضي يرتفع المرء بضبط ذهنه إلى أعلى مستويات النجاح.

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف وعجل فرجهم يا كريم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

🔸لماذا ينبغي للمدير أن يمتلك قابلية ضبط الذهن؟
🔸الذي يمسك بزمام ذهنه تحسن معرفته.

💠ضبط الذهن على طريق التقرب (المحاضرة6 ـ الجزء الثاني)

🔹ضبط اللسان يُعدّ من أهم الطرق لضبط الذهن.

🔹يرتفع المرء بضبط ذهنه إلى أعلى مستويات النجاح.

🔹مع إشاعة التهتك والسفور في المجتمع تهبط قدرة الأفراد على السيطرة على أذهانهم.

🔹على مسؤولي الدولة أن يتسلطوا على أذهانهم وإلا فسوف لا يستطيعون إدارة البلد بشكل صحيح.
_____________
سماحة الشيخ بناهيان

🔰القدرة على ضبط الذهن قضية جوهرية في حياة الإنسان. فما الذي نطلبه ولا نجده في قابلية ضبط الذهن؟ اللذة، الثروة، السلطة؟ أي هذه الأشياء لا يرتبط بالقدرة على السيطرة على الذهن؟! إن المرء ليرتفع بضبط ذهنه إلى أعلى مستويات النجاح.

🔰لماذا يعمل أناس كالصهاينة - وهم الذين يسعون إلى استعباد البشر - على إشاعة التهتك والسفور في المجتمعات؟ لأنه بانتشار التهتك والتحلل تهبط قابلية الناس في السيطرة على أذهانهم ويضعفون. أما الدين فقد وجّه اهتمامَه وخصّص أهم مناهجه من أجل التسلط على الذهن. وهو وإن قدّم التعاليم لباقي نواحي الحياة أيضاً لكنها هي الأخرى تخدم ضبط الذهن.

🔰ضبط اللسان يُعدّ من أهم الطرق لضبط الذهن. فالتكلم أسهل الأفعال؛ إذ ما إن يخطر في ذهن المرء شيء حتى يستطيع أن يُجريه مباشرةً على لسانه ويُفصح عن سريرته. من هنا فإنك إن تسلّطتَ على لسانك تكون – في الحقيقة – قد ضبَطتَ ذهنَك، وكأنّك لجَمتَه بلجام!

🔰المُمسكون بزمام أذهانهم يرتقون في المعرفة، وإن على المدير والمسؤول أن يمتلك هذه الخصيصة، لأن الإدارة تبدأ من ذهن الإنسان؛ إذ على المدير أن يصيب النظر، ويمُدّ بصرَه إلى الأفق، ويستشرف عواقب الأمور ونتائجها، ففي الحديث: «أَعْقَلُ‏ النَّاسِ‏ أَنْظَرُهُمْ‏ فِي الْعَوَاقِب‏» (غرر الحكم/3367)، وإنّ عليه أن يدرس أبعاد الموضوع، ثم يقرر - في اللحظة المناسبة - أن عليه الآن فعل كذا وكذا.

🔰على مسؤولي الدولة أن يكونوا من ذوي التسلط على الذهن وإلا فسوف لا يستطيعون إدارة البلد بشكل صحيح. فينبغي لهم أن "يُصلّوا بحضور قلب"، لأن الصلاة أفضل تمرين لضبط الذهن، والإدارة تحتاج لمثل هذا. إذن فعلى المسؤول والمدير أن يُحسِن صلاتَه كي تَحسُن إدارتُه، فمن المستحيل لمَن يُحسن صلاتَه أن يُخدَع؟!

🔰لو امتلك مسؤولونا ما يكفي من القدرات الذهنية لزالَ الجزء الأعظم من مشاكل البلاد. فالإدارة والمسؤولية تحتاج إلى قدرات ذهنية عالية، وعلى من يتولّاها أن يحتاط مما يصله من المشورة، سيّما مسؤولينا الذين تسعى شياطين الإنس والجن جاهدةً لإفساد أذهانهم. فلماذا يتوخّى الطيارون كل هذه الدقة؟ لأن عملهم في منتهى الحساسية، وهذا هو حال مسؤولي البلاد فإنهم بحاجة إلى جانب عظيم من تحرّي الدقة والتسلّط على الذهن لأنّ إجراءً واحداً غير مدروس من قبلهم من شأنه أن يضرّ بالملايين من أفراد الشعب.

🔰وقد يقول هنا قائل: "الغربيون لا يُصلّون فكيف إذن تطوّروا كل هذا التطور؟!" والمشكلة هي أن أمثال هؤلاء يرون – حقيقةً – أن الغربيين متطورون وأقوياء، ويظنون أنهم يتقنون الإدارة أيما إتقان! ثم حتى هذه القوة والتطور الظاهريَّين فإنهم لم يكسبوهما إلا عبر نهب البلاد وقتل الأبرياء. فلو سلبتَ من الدول الأوربية وأمريكا مستعمراتِها الرسمية وغير الرسمية لبادَت في غضون شهر واحد! فلا يتمتع بلدٌ بنهوض علمي حقيقي إلا إذا عمل على تنمية عقوله هو والإفادة منها، لا أن يسرق عقول البلدان الأخرى ويشتريها بالمال الذي جناه بالنهب والجريمة.

🔰أكثر مناطق العالم حساسية لأمريكا هي منطقة الشرق الأوسط التي تزداد كل يوم خروجاً من يد أمريكا على رغم كل ما ارتكبته الأخيرة وعملاؤها فيها من جرائم! فهل لنا، والحال هذه، أن نقول: "أمريكا تمتلك قدرة التخطيط!" انظروا إلى حماقة مسؤولي الإدارة الأمريكية إذ خططوا منذ عشر سنوات لأن تنهار المنطقة من الداخل؛ وكانوا في البدء فرحين بأنهم أشعلوا حرباً طائفية بين الشيعة والسنة، ففطنوا فيما بعد إلى أن أضخم جيش عالمي إقليمي قد تأسس في المنطقة بواسطة قوى جبهة المقاومة، والآن هم يقفون حائرين كيف يندبون بختهم التعيس!

🔰إننا أقوياء.. فمع كل هذا الحصار والعداء، ورغم أننا عاجزون عن بيع نفطنا بالشكل المناسب فهذه أربعون سنة انقضت ونحن نقف على أرجلنا. أربعون سنة وهم يرتكبون في حقنا المجازر لكننا نغدو في كل يوم أقوى من سابقه.

🔰الأمريكيون لا يتقنون إدارة بلدهم، ولا يُحسنون إدارة العالم، بل ولا يعرفون كيف يُمعِنون في عداوة غيرهم! الضربات التي نتلقّاها نحن هي من عند أنفسنا، والمشاكل التي نعانيها هي جراء ضعف أدائنا، لا بسبب قوة العدو!

🌀يتبع...

حسينية آية الله حقشناس في 16/09/2018
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ







  رد مع اقتباس
قديم 05-08-2019, 06:16 PM   رقم المشاركة : 14
أنوار سجدة المهدي (عج)
منتسبة ( مدرسة السير والسلوك )







أنوار سجدة المهدي (عج) غير متواجد حالياً

افتراضي لماذا علينا الاستغفار من "معاصي الذهن" بشكل خاص؟

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف وعجل فرجهم يا كريم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


🔸لماذا علينا الاستغفار من "معاصي الذهن" بشكل خاص؟
🔸اجتهد في حصول "أمور طيّبة" في ذهنك!

💠ضبط الذهن على طريق التقرب (المحاضرة7 ـ الجزء الأول)

🔹من آثار قراءتك القرآن حصول أمور طيبة في ذهنك.

🔹"الرياء" "والعجب" هما من المعاصي المدمّرة التي تُقترَف على مستوى الذهن.

🔹الذي ضعُف عن السيطرة على ذهنه لا بد أن يكون قد أسرف في ارتكاب المعاصي الذهنية.

🔹ما لم تصل بعض النوايا (السيئة) إلى حيّز العمل لا تُعَدّ ذنوباً لكنها تترك، وهي على مستوى الذهن، آثاراً مخرّبة.
_______________
سماحة الشيخ بناهيان

🔰بعض المعاصي المدمّرة غاية التدمير، مثل "الرياء" "والعُجْب"، الموجبَين لحبط العمل، هي في الواقع أحداث ذهنية. فإن خطر في بال امرئ: "إنني إنسان صالح" بادَت جميع أعماله. من هنا فإنه لا بد لنا من الاهتمام بالسيطرة على أذهاننا لتجنب المعاصي التي تُقترَف على مستوى الذهن.

🔰من النماذج الأخرى على هذه الذنوب "سوء الظن بالله تعالى"، وهو أن يشك المرء ذهنياً بالله عز وجل. ولا نقصد هنا الشك العقائدي، بل الشك الأخلاقي؛ كأن لا يقتنع كل الاقتناع بكون الله رؤوفاً رحيماً، فيقول مشكّكاً: "أيُعيرني الله أهمية يا ترى؟!" وهذا سوء ظن بالله تعالى.

🔰هذا وتحصل في ذهن الإنسان أيضاً أمور طيبة تبعث على سعادته، مثل الأمنية الحسنة التي تمر في مخيّلته. وإن لهذه الأشياء قيمة عند الله وقد يعمل سبحانه أحياناً على ضبط مقدّراتنا تأسيساً على خواطرنا الذهنية الإيجابية هذه؛ كأنْ يقول المرء في ذات نفسه: "الله مُهتَمٌّ بي"، وكان من المقرر أن ينزل به بلاء لكن الله، وبسبب حسن ظنه هذا، يُبعد عنه هذا البلاء.

🔰في صحراء المحشر لا تُعطى لأحد فرصة العمل، لكن ثمة عمل ينفع هناك أيضاً وهو "حُسن الظن بالله". ففي الحديث: «أَنَّ آخِرَ عَبْدٍ يُؤْمَرُ بِهِ إِلَى النَّارِ يَلْتَفِتُ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ لَمْ يَكُنْ هَذَا ظَنِّي بِكَ. فَيَقُولُ: مَا كَانَ ظَنُّكَ بِي؟ قَالَ: كَانَ‏ ظَنِّي‏ بِكَ‏ أَنْ‏ تَغْفِرَ لِي‏ خَطِيئَتِي‏ وَتُسْكِنَنِي‏ جَنَّتَكَ.‏ فَيَقُولُ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ: يَا مَلائِكَتِي... أَدْخِلُوهُ الْجَنَّة» [لحسن ظنه هذا]. (الفقه المنسوب إلى الإمام الرضا(ع)/ ص361).

🔰لا بد أن كل مَن ضعُف عن السيطرة على ذهنه قد أسرف في المعاصي التي تُقترَف في الذهن، فحتى وسوسة إبليس اللعين تعمل على الذهن أيضاً، على أنك إذا واجهتها بصلابة لم يكن لها أثر، لقوله تعالى: «إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعيفاً» (النساء/76). فالذي يعدم قدرة السيطرة على ذهنه أمام إبليس ولم يتعوّد الاستعاذة، تتسرّب الأفكار السيئة إلى ذهنه.

🔰وثمة إلى جانب كيد إبليس عامل آخر إذا لم يتم التحكم به أدى إلى تسلل الأفكار السلبية إلى ذهن المرء، وهو أن يُخلق الإنسان قلقاً خائفاً. صحيح أن الخوف يبعث على الاحتياط ويحفظ صاحبه، ولولا الخوف لما كان لطرح قضية نار جهنم في القرآن علينا من أثر. لكن الذي لم يُرَبِّ نفسه سوف لا يستعين بالخوف للنأي بنفسه عن النار، بل سيستعمله في أمور الدنيا فلا تنفك الأفكار السلبية تطرأ على خاطره.

🔰بعض النوايا لا يرقى إلى مستوى المعصية ما لم يصل إلى حيّز العمل، لكنّه يترك في مرحلة الذهن هذه أيضاً آثاراً مخربة تُفسد روح الإنسان. لذا ينبغي الاستغفار بشكل خاص من معاصي الذهن، فعن أبي جعفر(ع) قال: «وَاللهِ مَا يَنْجُو مِنَ الذَّنْبِ إِلاّ مَنْ‏ أَقَرَّ بِه»‏ (الكافي/ ج2/ ص426)؛ أي عليك أن تقول: "إلهي، إن لي في ذهني نقطة الضعف الفلانية، فاغفرها لي". صحيح أن الله كريم عَفُوّ، لكن عليك أنت أن تعرف بأنك تشكو من ذنب كذا، وأن تقر به أمام الله تعالى.

🔰من الظواهر الذهنية الجيدة الحسرة الصائبة أو ذَمّ النفس الذي هو أفضل من عبادة أربعين سنة: «ذَمُّكَ لِنَفْسِكَ أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَتِكَ أَرْبَعِينَ سَنَة» (الكافي/ ج2/ ص73)؛ كأن تقول: "يا ويلي! كم كنت بعيداً عن الله!" وهو أن تنهَر نفسك بشدة. ولا يبدو في الظاهر أنك فعلت شيئاً خاصاً، كل ما في الأمر أنك سمحتَ لبعض الأفكار الحسنة أن تمُرّ في ذهنك. وهذه ظاهرة أخرى من الظواهر الحسنة التي تحصل في ذهن الإنسان.

🔰فلنعمل على حصول أمور طيبة في أذهاننا. وإنّ أحد آثار قراءتك القرآن حصول أمور طيبة في ذهنك. قل قبل البدء به: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" ولُذ بالله كي تَرِد ذهنَك أثناء التلاوة أشياءُ طيبة. فعن أمير المؤمنين(ع) إن المؤمن إذا قرأ القرآن اشتاق إلى ثواب ربه: «فَإِذَا مَرُّوا بِآيَةٍ فِيهَا تَشْوِيقٌ‏ رَكَنُوا إِلَيْهَا طَمَعاً» (نهج البلاغة/ الخطبة193)، فإن الله تعالى يقيم لخواطر أذهاننا هذه وزناً. بل اقرأ القرآن كي يخطر الكلام الحسن في بالك. وفي المجالس والمحافل المعنوية أيضاً إذا كان لديك هذا الالتفات فسينساب إلى ذهنك من الكلام الحسن الطيب أضعاف من يقوله الخطيب.

🌀يتبع...

حسينية آية الله حقشناس في 17/09/2018
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

لماذا علينا الاستغفار من "معاصي الذهن" بشكل خاص؟







  رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



الساعة الآن 11:16 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.