المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التوقير الباطني لرب العالمين


وديعة المصطفى
01-17-2011, 12:13 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمدلله لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين
السلام عليك يا سيدي ومولاي يا حجة الله عجّل الله فرجه الشريف
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

التوقير الباطني لرب العالمين

- إن البعض قد يسأل عن مناسبة ارتباط موضوع الصلاة الخاشعة بأيام محرم وعزاء الحسين (ع) فنقول:
إن الحسين (ع) -كما هو مأثور- استمهل القوم ليلة للصلاة بين يدي الله عزوجل.. والصلاة هي قرة عين الرسول الأكرم (ص) -كما ورد في الحديث- ثم إن الإنسان المؤمن إذا أتقن صلاته، فإنه يستفيد من ذلك في مجال حياته الشخصية والجهادية كالأئمة (ع)، حيث كان إذا أهمهم أمر يفزعون إلى الصلاة، وخاصة في المساجد وفي وقت الخلوات.. فالإنسان بإمكانه عند زيارته لبيت من بيوت ربه، أن يصلي ركعتين بين يدي الله عزوجل، ويطلب منه ما يريد..

ذكر السيد الطباطبائي صاحب تفسير الميزان: أنه كان يتيم الأبوين، ولما كان صغيراً كان له أستاذ يعلمه اللغة العربية، وكان السيد لا يستوعب حتى أبسط دروس النحو، حتى جاء ذلك اليوم الذي ضاق منه الأستاذ ذرعاً، فكانت منه كلمات قاسية أثرت في السيد، مما جعلته يعيش حالة الحزن الشديد واليأس.. ومن المعلوم أن اليتيم رقيق القلب يبكي بأقل كلام، والعرش يهتز لبكاء اليتيم.. فقام وصلى ركعتين لله عز وجل، وسأله أحد أمرين: إما أن يرزقه الذكاء وقوة الفهم ليستوعب الكتاب، أو يقطع لسان الأستاذ عنه.. ثم بعد هذه الصلاة تغير حاله، وأصبح يفهم الكتب من دون مراجعة الأستاذ.. وإذا بهذا الذي لا يفهم النحو واللغة العربية، يؤلف هذا الكتاب الخالد، ويصبح فيلسوف الشرق والغرب.
الدرس الذي يمكن أن نأخذه من هذه القصة: أن الإنسان بإمكانه أن يغير مجرى حياته، ويحقق مراده بتوجه صادق لله عزوجل، فهو الذي بيده خزائن كل شيء، ولكن الأمر يحتاج إلى صدق واستحقاق..

- ذكرنا في موضوع الاعتناء بالوضوء ومكان الصلاة من مقدمات الخشوع (http://noor-alsada.com/vb/showthread.php?t=18347)
أن من يريد الخشوع في الصلاة، فإن عليه الاعتناء بمقدمات الصلاة، وقد بدأنا بالطهور وقلنا: أنه من الممكن أن يبدأ الإنسان تفاعله من حين الوضوء.. ومن المناسب أن يحاول الإنسان قدر الإمكان أن يكون على طهور، لأن الحدث الذي يصيب الإنسان -بنوعيه الأصغر والأكبر- يوجب ظلمة باطنية، أضف إلى أن المحدث ممنوع من بعض الأمور التعبدية.. ومن المعلوم أن هذه الظلمة ترتفع بالوضوء والغسل، ومن هنا فإن أولياء الله والعباد الصالحون، عندما يحدثون فإنهم يبادرون إلى الوضوء وإلى الغسل..

وهنا إشارة للأخوات المؤمنات: البعض يظن بأن المرأة معفية عن العبادة في أيام شهرها، والحال بأنها معفية من الصلاة لا من العبادة.. فالقرآن الكريم، والدعاء، والجلوس على المصلى، والمناجاة مع رب العالمين كلها عبادة.. والبعض كأنه يريد أن يتحلل من كل القيود!.. فالتي تترك كل صور العبادة في أيام إلى عشرة، فإن ذلك سيعود عليها بقساوة القلب وموته.. فإذن -كما هو المطلوب شرعاً-: على المرأة أن تجلس في أوقات الصلوات في مصلاها، وتذكر الله تعالى.. ومن المعلوم أن ذكر الله -تعالى- في بعض الأوقات، قد يكون أبلغ، لأن المرأة متحرقة على حرمانها لصلاتها..
قال النبيّ (ص): يقول الله تعالى: (مَن أحدث ولم يتوضّأ فقد جفاني، ومَن أحدث وتوضّأ ولم يصلّ ركعتين فقد جفاني، ومَن أحدث وتوضّأ وصلّى ركعتين ودعاني ولم أُجبه فيما سألني من أمور دينه ودنياه فقد جفوته، ولست بربٍّ جاف).
من الواضح أن العمل بهذا الحديث يحتاج إلى همة عالية، ولكن الميسور لا يترك بالمعسور، فالإنسان بإمكانه أن يمشي في هذا الوادي -وادي عدم الجفاء- مع حذف الصلاة.. أي أنه كلما أحدث يتوضأ، وكلما توضأ يدعو الله عز وجل، ويكفي أدعية الوضوء.. هذه الأيام الماء في متناول اليد، والإنسان الذي يذهب إلى الحمام، كيف يجتاز هذا المكان، ولا يكلف نفسه الوضوء بين يدي الله تعالى؟!.. إلا أن مشكلة الوسواسي، أن الوضوء مكلف ومتعب بالنسبة له، وبالتالي فإنه يحرم نفسه من بركات الوضوء، لأنه أصيب بالوسواس في العبادات..
ومن بركات الإنسان المؤمن الذي يتعود الوضوء الدائم، أنه إذا أحدث يرى ملكوت الحدث، أي يرى نفسه في حالة من حالات عدم الطهر.

- ذكرنا في نفس الموضوع السابق أيضاً أن تخصيص مكان للصلاة من موجبات تحقيق الصلاة الخاشعة، وأن ذلك فيه نوع من التأدب والاعتناء بمكان اللقاء الإلهي، أضف إلى أن الأمر فيه ارتباط نفسي.. من المعلوم تجربة ذلك العالم الروسي، حيث أنه كان يقدم الطعام لحيوان ويقرن ذلك بصوت الجرس، وبعد فترة صارت هنالك حالة من التلازم عند الحيوان بين الطعام وبين هذا الصوت، ولما منع عنه الطعام وضرب الجرس، رأوا أن شهيته فتحت للطعام، لأنه تذكر الطعام المقترن بالجرس.. وتطبيقا لهذه القاعدة نقول: إن الإنسان من الممكن أن تمر عليه فترات في حياته ويرق فيها في الصلاة، فتختزن تلك الحالة في ذهنه، وكلما نظر إلى ذلك المكان، فانه يعيش ذلك الجو من الخشوع والإقبال.. وهذا مجرب حتى في الالتزام بمصحف ثابت، إذ أنه يزيد من سرعة الحفظ، ويوجد حالة من الأنس بهذا المصحف.

- إن التأمل في جمل الأذان والإقامة من موجبات الخشوع في الصلاة.. ومن المعلوم أن هذه الجمل من الوحي، فرب العالمين هو الذي صاغها.. ولو تأمل الإنسان في ملكوت الأذان والإقامة، لكان من المستحيل أن لا يصلي في أول الوقت، فالخجل يمنعه من التأخير، والوجل يدفعه للتقديم..
إحدى المؤمنات اتصلت بي وقالت: إنك قلت كلمة غيرت وأثرت فيّ أيما تأثير، وهي هذه الآية: {مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا}.. وصرت كلما أردت أن أصلي أتذكرها، وتوجب لي الإقبال في الصلاة.. فالإنسان عندما يصلي وذهنه في غير الصلاة، فان هذا يعد خلاف التوقير..
الأذان والإقامة فيها ثلاث جمل تبدأ بكلمة (حي): (حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على خير العمل)!.. ومعنى هذه الكلمة في اللغة العربية: عجِّل!.. وكل جملة مكررة مرتين، فيكون المجموع اثنا عشرة مرة، ورب العالمين ينادي عبده أقبل عليَّ بعجل!.. أنا أريدك أن تأتيني مستعجلاً!.. وعادةً هذه الحالة من الإلحاح والاستعجال تكون: إما لشدة الشوق، أو لشدة الحاجة.. وإذا كان الداعي ال********* في دعوته هو أمير البلاد، فإذن ينتفي الأمر الثاني، ويبقى الشوق وقد يحب أن يعطيك شيئاً.. رب الأرباب في الأذان والإقامة كم مرة يقول عجِّل؟!.. اثنا عشرة مرة: ستة في الأذان، وستة في الإقامة..

لو أن إنسانا زاره مرجع تقليده في منزله، وفي منتصف الليل طرق عليه الباب، وقال: عجل إلي بالماء، أنا عطشان!.. ايتيني بالماء!.. ايتيني بالماء!.. اثنا عشرة مرة.. فقال له: مولاي!.. أنا لست متفرغاً لك الآن، رجاءً اذهب إلى فراشك ونم، وثم آتيك به في وقت آخر!.. وبعد ساعة أو ساعتين أحضر له عصير فاكهة.. فهذا المرجع قطعاً سيرده قائلاً: بأني كنت أصيح قائلا اثني عشر مرة: حي على الماء!.. حي على الماء!.. وأنت لا تستجيب، الآن تأتيني بالعصير!.. خذ عصيرك معك، أنا لا أريده، وأنت لا تستحق أن تكون مضيفاً لي!.. وحتى الذي يسمع القصة تراه يذم فعل هذا الإنسان، ويقول بأنه إنسان في منتهى سوء الأدب.. رب العالمين عندما يدعونا فإنه هو الغني -سبحانه- وهو لا يحتاجنا: (إلهي!.. هذه صلاتي صليتها لا لحاجة منك إليها، ولا لرغبة منك فيها، إلا تعظيماً وطاعة وإجابة لك إلى ما أمرتني به..).. فلم هذا الإعراض عن رب العالمين؟..
قد يكون العبد لم يقل شيئاً يوجب التوهين، ولكن الإهانة تحققت في مقام العمل.. فالذي يسمع الأذان ويستمر في شغله ولهوه، فهو لم يوقر الأذان -وإن لم يقل ذلك بلسانه عمله أو هذا أهم عندي- فكيف إذا كان مشتغلاً بالحرام وقت الأذان؟!.. كان عندنا أستاذ فى المدرسة النظامية، إذا سمع الأذان أثناء الدرس كان يقطع الدرس، ويتمشى في الفصل إلى أن ينتهي الآذان، توقيراً لنداء رب العالمين..

- ان الإنسان الذي لا يوقر نداء الله –عز وجل- ولا يسارع إلى تلبية ندائه، فلا ينبغي له أن يتوقع الاستجابة السريعة من رب العالمين.. ومن الطريف أن الانسان لما يكون في غرفة الإنعاش، ويعيش بين الحياة والموت أيضاً يقول: حي على الشفاء!.. حي على الشفاء!.. ولكن رب العالمين يردها عليه، فيؤخر عليه الاستجابة، وقد لا يستجيب له معاملة له بالمثل!..
يقال: كان هنالك حمَّال في بلدة يقال لها تبريز، رأى طفلاً يسقط من السطح فمد يد اليه، فسقط هذا الطفل على الأرض سليماً.. فاجتمع الناس حوله متعجبين: أنت من؟.. أنت ولي!.. أنت كذا!.. فقال لهم: لماذا هذا التعجب؟!..أنا أطعت ربي عمراً فأطاعني!.. أي سألته أن ينقذ هذا الطفل فأجابني، وهذا ليس بأمر غريب..

- إن الله تعالى عندما يصل إلى ذكر طبيعة بني آدم، فإنه يظهر تحسره وتأسفه قائلاً: {قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ}!.. أي الموت لبني آدم!.. إن الله -سبحانه وتعالى- بين للإنسان طريق الخير والشر: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ}.. ولكن الإنسان بطبعه ظلوم جهول، يميل إلى اتباع الهوى والشياطين، فيردي نفسه ويهلكها.. ومن هنا فالذي لا يعمل جهده وجهاده ليرتقي بنفسه، فإن مآله إلى السقوط، كما قال -تعالى- مشيراً إلى هذا التسافل: {مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ}.. ومن المعلوم أن الأجسام تميل بطبيعتها -لو تركت- إلى أسفل نظراً للجاذبية الأرضية، وأنها تبقى ساكنة ما لم يؤثر عليها مؤثر خارجي، يعمل على التغيير في شكلها أو اتجاهها أو محلها أو غيره.. فالذي يريد أن يغير من نفسه لابد له أن يتحرك، وإلا فإنه سيبقى على حاله وإن عملت فيه الليالي والأيام.. وهذه حجارة مكة من لدن أبونا آدم إلى اليوم، وهي على حالها، وفي محلها!..
وينبغي للإنسان أن لا يغتر بمجرد الأداء الظاهري للعبادة في الصلاة، والحج، والعمرة، والزيارة.. فالحركات الشكلية ما هي إلا حركات بدنية، لا شأن لها في تغيير جوهر الإنسان وباطنه.. ولو كان الأمر كذلك، لرأينا التغيير فيمن هم أمضوا بجوار قبر المعصوم عقوداً من أعمارهم.. فالقضية ليست بالزيارة ولا بالعمرة ولا بشد الرحال مجردة عن الحركة الباطنية المتمثلة بالتوبة والإنابة..

- لو حركنا هذا الحجر الذي في مكانه قليلاً، سنكتشف هنالك آبار جوفية مهملة، وآبار بترول مقفلة.. نفس الإنسان كلها معادن نفيسة تحتاج إلى استكشاف وتوظيف، وإنما حاله كما يقول الشاعر: كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ *** والماء فوق ظهورها محمول
إن معجزة النبي الأكرم (ص) أنه عمل في هذه الأمة وغير فيها أيما تغيير، هذه الأمة التي كانت من أسوأ الأمم، والذين كانوا يصنعون إلهاً من تمر يعبدونه في النهار، وإذا ما أجن عليهم الليل وجاعوا أكلوه!.. وإذا بالنبي الأكرم (ص) يبعثهم من جديد، وينقلهم من حضيض الجاهلية إلى نور الإسلام.. وإذا ببعض صحابة رسول الله (ص) يصل الى درجة يذهل الإنسان!.. كان أحدهم يقول: كنا رعاة الإبل، واليوم صرنا رعاة الشمس!.. أي عيوننا على الشمس متى تصبح في كبد السماء، لنصلي صلاة الزوال.. وأويس القرني هذا الذي لم يرَ رسول الله (ص)، إلا أن الرسول (ص) قد ذكر عنه ما لم يذكره في حق أحد من الصحابة.. نعم، هذا الإنسان لم يلتقِ بالنبي (ص)، ولكنه اكتشف كنوز نفسه، وأصبح من خيار أصحاب أمير المؤمنين (ع) بعد النبي الأكرم (ص).

- قد يصل الإنسان بعد فترة من الإدمان على صلاة أول الوقت إلى مرحلة، لا يتمالك نفسه حتى يصلي.. وقد سمعت عن أحدهم عندما يسمع الأذان يصاب بتوتر عصبي، وإذا لم يصل في أقرب مكان ممكن، فإنه يصاب بحالة انهيار!.. فهو لا يتحمل نداء رب العالمين له بالتعجيل، وهو جالس مشتغل في الأباطيل!..
قد يكون هنالك عذر قاهر يحول دون صلاة أول الوقت، كمن هو مرتبط بوظيفة أو دوام حكومي، أو كان صاحب العمل لا يسمح له أن يصلي، فالأولى هنا له أن يعمل بالفتوى التي تنص على احترام والتزام القوانين..
ولكن إذا لم يوجد هناك مانع، وخاصة بالنسبة للأخوات المؤمنات -وكما رأينا في كل البلاد المؤمنة، أن شهيتهم مفتوحة لعوالم القرب والسير والسلوك- فمن العجيب أن إحداهن تسمع صوت الأذان، وهي في المنزل ملتهية بالأباطيل.. ثم تتصل بنا وبغيرنا: ما هو الطريق إلى الله؟!.. الطريق إلى الله أن تصلي أول الوقت!.. لماذا هذا اللف والدوران؟!.. لماذا تعقيد الأمور؟!..
أحد العلماء نقل لي هذه العبارة عن أحد كبار العرفاء في العصر الحديث، وهو السيد علي القاضي.. يقول: نحن اكتشفنا أو عرفنا أن الطريق إلى الله أسهل مما كنا نظن، فالقضية ليست معقدة، ولا تحتاج إلى خلوات وأوراد ورياضات وترك الحيوانات وما شابه.. القضية سهلة بسيطة، والإنسان بالتفاته وبأدائه للواجبات، وبإتقانه الصلوات اليومية يصل!.. رب العالمين لم يعقد الأمور فلماذا الترهبن؟!..و لماذا التصوف؟!.. ولماذا التعقيد؟!.. لماذا جعل العرفان وكأنه شبح مخيف، لا يقترب منه أحد وإلا تتعقد حياته؟!.. نحن من دعاة هذه النظرية: أن الطريق مفتوح للجميع، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}، ليس خطابا خاصا للرسول ولا للأئمة (ع)، بل هو للجميع، والطريق مفتوح، والدليل على ذلك هذه النماذج المتميزة التي تراها في بلاد الغرب، أناس في قمة التقوى وقمة الذكر.. رأيت أحدهم في إحدى العواصم الأوروبية، سألته إن كان يشتكي من فتنة النساء -كما هو المتعارف في تلك الأوساط من حالات التعري والانحطاط– وإذا به وكأنه يستنكر عليَّ هذا السؤال، ويفهم منه بأن هذه مشكلة المراهقين، وهو قد تجاوز هذه المرحلة، وأنه يحمل هما أكبر من هذه الفتنة، همه الإقبال والإدبار وقساوة القلب، أما فتنة النساء فهو لا يرى شيئاً أمامه من النساء!..

متى نترقى؟!.. البعض يمضي عمره وكل همه أن لا يقع في الحرام!.. والمرأة المؤمنة ترى نفسها في قمة التقوى، لو كانت ملتزمة ومحجبة.. والحال أنه حتى بنات التسع سنوات يلبسن أفضل الحجاب!.. البعض لا زال يعيش مقدمات الشريعة!.. إلى متى الإنسان يصل إلى درجة الكمال!..

- ينبغي أن نقول بكل قاطعية: إن الذي لا يوقر نداء رب العالمين، ولا يصلي أول الوقت، هذا الإنسان لا يعطى الهبات المتميزة من رب العالمين، لأن هذا بلسان حاله كأنه يقول: يا رب لا أريد منك عطاء متميزا!..
ومن المناسب التأني قبل الدخول في الصلاة، وقراءة الأذان والإقامة، وبعض أنواع الأدعية المسخنة، التي تصفي ذهن الإنسان، وتجعله في جو الصلاة.. (إن صلاتي ونسكي محياي ومماتي لله رب العالمين..).. (ربي اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي..).. ( ربي أقمها وأدمها واجعلني من خير صالحي أهلها..)..
من موجبات التفاعل في الصلاة، هو تذكر الذنوب السابقة، وكان الحسن بن علي -عليهما السلام- إذا توضأ ارتعدت مفاصله، واصفر لونه، فقيل له في ذلك.. فقال: حق على كل من وقف بين يدي رب العرش أن يصفر لونه، وترتعد مفاصله.. وكان -عليه السلام- إذا بلغ باب المسجد رفع رأسه ويقول: إلهي!.. ضيفك ببابك.. يا محسن قد أتاك المسيئ، فتجاوز عن قبيح ما عندي بجميل ما عندك، ياكريم!..
فلو رأى الإنسان نفسه غافلاً وهو في الصلاة، لا بأس أن يذكر نفسه ببعض الهفوات التي ترتعد لها الفرائص، وعندها يلين قلبه، على الأقل يتذكر حدته مع خلق الله وإساءته لهم..
وتذكر الذنوب في بعض الأوقات أمر مستحب، كما لو كان الإنسان عند الملتزم أو المستجار أو الحطيم.. ولكن ينبغي أن لا يتحول إلى حالة يأس، فإن ذلك من الكبائر العظيمة، شأنه شأن الكبائر الأخرى.. والله -سبحانه- وتعالى قرر مغفرته لعباده، بأنه يغفر الذنوب جميعاً إلا أن يشرك به: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}.. إن أداة تأكيد، وفي اللغة العربية: الجمع المحلى بأل يفيد العموم.. لم يقل: ذنب، ولا ذنوب، ولا الذنب، بل قال: الذنوب.. أي لا يوجد ذنب لا يغفره الله -تعالى- ما دام ذلك الذنب دون الشرك.

ومن موجبات التفاعل والإقبال أيضاً، تذكر الصلاة الأخيرة التي صلاها الحسين (ع) في يوم عاشوراء، وتذكر حالة المعصومين عند الصلاة.. فالنبي الأكرم (ص) كان إذا اقترب وقت الصلاة يقول: أبرد يا بلال!.. أي بمعنى البريد؛ أي عجل.. أو بمعنى البرد؛ أي أطفئ نار الشوق.. نعم أئمتنا (ع) كلهم كانوا كذلك.. فهل من مستن بسنتهم؟!..
--------------------
من محاضرات الشيخ المربي/ حبيب الكاظمي

(ريحانة المصطفى)
01-17-2011, 06:06 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين الاشراف وعجل فرجهم ياكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سلمت يداكم لما نقلتم اسال الله ان يجعله في ميزان حسنا تكم
قال أمير المؤمنين (ع): (لو يعلم المصلي ما يغشاه من جلال الله، ما سره ان يرفع رأسه من السجود).. وقال الصادق (ع): (إذا قام المصلي إلى الصلاة، نزلت عليه الرحمة من أعنان السماء إلى الأرض، وحفّت به الملائكة، وناداه ملك: لو يعلم هذا المصلي، ما في الصلاة ما انفتل)!.. أي أنه ما ترك الصلاة لو التفت إلى ملكوت الصلاة، والمعاني التي تحملها الصلاة بين يدي الله عز وجل.

إن على الإنسان أن يعيش حالة من الترقب للصلاة، فالإنسان المؤمن الذي يريد أن يصل إلى ملكوت الصلاة، لا بد وأن يعيش هذا الهاجس قبل دخول الوقت، مترقبا للصلاة بكل شوق.. إن الأمور الكبرى في الحياة، والمعاني السامية تبدأ بالتلقين، وتتحول إلى واقع، وعلى الإنسان أن لا يملّ من التلقين المستمر.. فالسير إلى الله -عز وجل- حركة معاكسة لطبيعة الإنسان لجهتين: لوجود قوة دافعة.. ولوجود قوة مانعة.

علينا ان نعلم أن هناك قوة دافعة، تدفع الإنسان الذي يريد أن يصل إلى الله -عز وجل- إلى اتجاه معاكس لما يريده ، أي تدفعه إلى: الميل إلى شهوات الدنيا، والتثاقل إلى الأرض، وتقديم العاجل على الآجل، وتقديم اللذة على الفكرة، وتقديم المصلحة الآنية على المصلحة المستقبلية.. أضف إلى ذلك أن العبادة هي تعامل وتفاعل مع عالم الغيب، والغيب إذا بقي غيبا محضا، فإنه لم يعد داعيا لحركة الإنسان.. فالذي يؤمن بالله وبالمبدأ والمعاد؛ ولكن لا يعيش حقيقة شهودية في قلبه، فإن من الطبيعي أن لا يسير إلى الله -عز وجل- سيراً حثيثاً؛ ومن الطبيعي أن يحاول معاكسة التيار.. فالسباح الذي يريد أن يسبح خلاف التيار، يحتاج فى أول الأمر إلى تكلف ومعاناة ومجاهدة، إلى أن يتعود ركوب الموجة وتجاوز العقبات.

وعليه، فإن مسألة الدخول في بحر الصلاة، تحتاج إلى تهيؤ نفسي مسبق.. فقبل دخول الوقت، يا حبذا لو يجعل الإنسان حائلا بينه وبين الصلاة؛ أي منطقة برزخية حائلة بين العالمين: فلا هي صلاة، ولا هي تعامل مع البشر.. ولهذا يلاحظ بأن القرآن الكريم، يؤكد على هذه الحقيقة: ألا وهو التسبيح قبل طلوع الشمس، وقبل الغروب.. فعلى الإنسان أن يجلس في المصلى قبل أن تغرب الشمس، وفي مكان يهيئ نفسه للدخول بين يدي الله -عز وجل- بذكر بعض التسبيحات، والتهليلات، وباقي المستحبات بحيث يخرج تدريجياً من جو التفاعل مع عناصر هذه الدنيا.

ومن هنا فإن صلاة المؤمن تبدأ قبل الوقت بفترة طويلة، فالصلحاء والأولياء يعدون أنفسهم للقاء المولى قبل ساعة او ما يقرب منه .. بينما عامة الناس يفاجؤهم الوقت مفاجأة ولعلهم يتمنون فى قرارة أنفسهم أن لا يدخل عليهم الوقت؛ لكيلا يفسد عليهم لهوهم!.. وإذا كان ولا بد أن يصلي في المنزل -لا في بيت من بيوت الله عز وجل- فعليه أن يهيأ مكانا فارغا للعبادة فى منزله إثباتا لترقبه وميله إلى لقاء مولاه.

إن اتخاذ مكان ثابت فى المنزل للصلاة بين يدى الله تعالى، لمن دواعي التوجه، والتركيز، والإقبال على رب العالمين!.. فمن المستحب أن يجعل الإنسان في بيته، محلاً خاصاً للصلاة بين يدي الله عز وجل، إذ كلما جاء إلى المصلى، تذكر ساعات إقباله، إذ لعله بالأمس، أو قبل أيام كان خاشعاً في هذا المكان، ولعل دموعه كانت جارية على خديه.. ومن المعلوم أن هذا الجو مفعم بأجواء الروح والريحان؛ فكلما دخل هذا المكان، أحس بتلك الأجواء، ولهذا نقرأ في القرآن الكريم: {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً}.. فمن هذه الآية يبدو أن مريم، اتخذت محراباً ومكاناً ثابتاً، للعبادة بين يدي الله سبحانه وتعالى.. فتبين بما ذكرنا أن هذه الفترة الحائلة بين العمل اليومي وبين الصلاة مسألة مهمة.

وإن من صور التهيؤ المقترحة: أن يسجد الإنسان بين يدي الله عز وجل، قبل دخول الوقت في سجود عبادي تأملي.. فإننا -مع الأسف- نتخذ السجود وسيلة للعبادة وللذكر فحسب، وقد يتحول السجود إلى حركة بدنية محضة، لإظهار التذلل بين يدي الله عز وجل؛ ولكن حقيقة السجود، حقيقة جامعة مستوعبة.. فما المانع أن يعيش الإنسان أجواء مختلفة: من التذلل، والمناجاة، والتأمل فيما سيقبل عليه من اللقاء بين يدي الله عز وجل؟!..

إن من موجبات التوفيق والتهيؤ للصلاة الخاشعة، مراقبة السلوك بين الفريضتين.. أي أن من موجبات التوفيق للصلاة، هي مراقبة السلوك بين الحدين.. فمن المعلوم ان الذنب السابق للصلاة؛ يؤثر على توجه الإنسان، فعندما يأتي إلى الصلاة، يأتي وهو يعيش جوا من أجواء البعد عن الله عز وجل.. وهناك تعبير جميل في كتب الأخلاق مفاده : ان من يلطخ نفسه بالعسل، ثم يقترب من بيت الزنابير، فإن من الطبيعي أن تهجم عليه الزنابير، لتلدغه في كل بقعة من بقاع جسده؛ لأن العسل الذى لطخ به بدنه يغري مثل هذه الزنابير.

ان هذا المثال مقدمة للقول: بأن الشياطين تستهوي هذا الإنسان العاصي المنهمك في لذاته ، وفي معاصيه وغفلاته.. وعليه، فإنه عندما يقف للصلاة بين يدي الله عز وجل، تهجم عليه الشياطين والأوهام والخواطر الحقة منها والباطلة.. بحيث ينتهي من الصلاة، وهو لا يفقه كلمة من كلمات صلاته، وإلا فما هي دواعي الشك في الصلاة؟..

إن الشكوك الصلاتية لها حلول فقهية واضحة، حيث يبنى على الاكثر مثلا ويأتى بصلاة الاحتياط.. ولكن أصل عروض الشك حالة سلبية عند الخواص!.. فليس من المقبول أن يصاب المؤمن المتوجه في صلاته، بحالات الشك والذهول، بحيث يصل الأمر إلى أن يشك بين الركعة الثانية والركعة الرابعة مثلا!.. فالركعة الثانية فيها قنوت ومناجاة مع رب العالمين، فيقال في الركعة الثانية: من الطبيعى أن الإنسان يأخذ عزه ودلاله في الحديث مع الله عز وجل.. بينما الركعة الرابعة: فيها رائحة الوداع، بما تستلزمه من الهم والغم؛ إذ إن الانسان بعد لحظات سينتهي من لقاء الله عز وجل.. فعالم القنوت عالم يغاير تماماً عالم التشهد والتسليم، فكيف يخلط المؤمن بين الركعة الثانية، وبين الركعة الرابعة؟!.. بل حتى الركعة الثالثة؟!..

وعليه فإن الشك الكثير في الصلاة، والسهو الكثير فيها، علامة على نوع من أنواع الإدبار فيها، وعدم التوجه الكامل للمضامين الصلاتية، وعدم الانغماس فى بحرها.

والحقيقة التى لا يمكن إنكارها أن الإنسان في حياته يحتاج إلى من يبث إليه همومه، إذ إن من الطبيعى أن نقول: أن الذي لا أنيس له، ولا صديق له، ولا متنفس له، ولا مفزع له في الحياة ، قد يعيش فى بعض الحالات: حالة الكبت، والتبرم، ثم الانفجار، وبعد ذلك الانهيار الكامل.. فإذا كان الإنسان العادي يتخذ بين فترة وأخرى من هو سبيل وذريعة لتفريغ الهموم، فلماذا لا يتخذ من الصلاة مثل هذه المحطة، لتفريغ همومه وذلك مع القدير على كشف كل كربة.

وقد ورد في روايات أهل البيت (عليهم السلام)، أن أئمة أهل البيت والنبي (ص) وذريته الطاهرين، كانوا يفزعون إلى الصلاة كلما أهمهم أمر.. والمؤمن يجب أن يكون كذلك، ليس في المسجد فحسب!.. وإنما في الحالات المختلفة كجوف الليل، ووضح النهار، وفى السوق ، وفي المنزل، فعندما يكون في قمة الغضب واليأس والنظرة السوداوية في الحياة، يذهب ويتخذ زاوية من المنزل، ليتكلم مع رب العالمين تكلم المستغيث اللهفان!.

نعم، إذا جعل الإنسان الصلاة ذريعة للحديث مع الله عز وجل؛ تحولت الصلاة إلى أحلى محطة من محطات الأنس.. وتحولت الصلاة في حياة البعض إلى محطة للتلذذ والارتياح، تلك المحطة التي لا تقارن بمحطات التلذذ المادي بالمتاع الزائل، الذي تفنى لذته ويبقى وزره!..

بارك الله فيكم ماجورين انشاءالله

شمس أشرقت بعلي
01-25-2011, 02:43 PM
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
ما شاء الله
بوركتما اخواتي على هذا النقل المتميز

نور الأرواح القدسية
01-25-2011, 04:48 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
رااائعة هذه الإضاءات منكما أختاي ..
كم نبخس الصلاة حقها حين نؤديها آداء آلياً فارغاً من بواطنها الغيبية ..
وكم نحرم أنفسنا لذة الوصال مع خالقنا حين نقبل على الصلاة من باب تأدية الواجب لا أكثر ..
بارك الله فيكما ..
و أنار بنوركما قلوب المصلين التائقين لنور رب العالمين..

قريرةٌ بنور الزهراء
01-26-2011, 09:43 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلً على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف وعجل فرجهم ياكريم
السلام عليك سيدي ومولاي الحجة ابن الحسن وعلى آباك الطاهرين ورحم الله وبركاته

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لا أعلم اين اضع هذا الموضوع ... بما يحمل من من نور فكله نور على نور...أرجوا من الله ان يثبته في قلبي
أحسنتِ كثيراً
ماأعظم ما كتب وما أروع ما قيل أحببته كثيراً .


جزيتم كل خير موفقين ببركة وسداد اهل البيت عليهم السلام
و صل الله على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف وعجّل فرجهم ياكريم

نقية بنور فاطمة
02-12-2011, 03:26 AM
اللهم صلي على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين وعجل فرجهم
أحسنتم وسدد الله خطاكم

أنوار الإيمان
02-20-2011, 07:40 PM
بارك الله فيكم
طرح موفق
جعله الله في ميزان حسناتكم
جزيتم خيرا

نورابالفضل
02-21-2011, 11:49 AM
أحسنتم وبوركتم بالمولد الشريف

تيه العمر
02-21-2011, 01:52 PM
أحسنتـــــــــم ..نقل مباركـ

سجدة عقيلة الهاشميين
02-21-2011, 04:23 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين وعجل فرجهم يا كريم

جزيتم خيرا على هذا الطرح الموفق
وفقكم الله وسدد خطاكم ببركة الصلاة على محمد وآل محمد

روح الاحساس
02-23-2011, 07:26 AM
اللهم صلي علي محمد وال محمد وعجل فرجهم

حيدر امامي
02-26-2011, 06:55 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد و آله الأطهار و عجل فرجهم يا كريم
كل الشكر وموفقين يارب

نورٌ من روح الزهراء (ع)
12-10-2012, 12:49 AM
بسم الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ الطِيبْينَ الطَاهرِينَ الأشْرّافْ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ يَا كَرِيمْ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلىَ فَاطِمَةُ وَابِيهَا وَ بَعْلُهَا وَ بَنِيهَا وَ الْسِرُ المُسْتُودَعِ فِيهَا ،‘ لَعِنَ اللهُ ظَالِمِيهَا وَ غَاصبِيهَا ،‘

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،‘

ما اجمل ماطرحتم من أنوار تخترق القلوب والأرواح ،‘

بوركتم احبتي وجعلها الله لكم نورا في المحشر بحق محمد وآلِ محمد عليهم السلام ،‘

حفظكم الله وسددكم بسداد الزهراء فاططمة عليها السلام.