كوكب دري
01-29-2011, 12:42 PM
السلام عليكم
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين
ذكر المحقق الجليل الشيخ محمد صالح المازندراني المتوفى عام 1081 ﻫ في شرح هذا الحديث مطالب قيّمة تذكر هنا خلاصتها:
عندما رأى حمران أن حالته في الخلوة لا تطابق حالته بين يدي الإمام عليه السلام خاف وتخيَّل أن هذا دليل على نفاقه وظن أن تلك الرقة وذلك الخشوع الذي يحصل له أثناء موعظة الإمام عليه السلام يجب أن ترافقه في كل مكان وفي جميع الحالات ليكون من أهل الصدق فأجابه الإمام بأن القلوب تارة تصعب على قبول الحق وتارة تسهل وليست دائماً على نسق واحد. فإذا صعبت أعرضت عن الحق ووصلت إلى حالة منحطة وإذا سهلت لانت وأقبلت على الحق ووصلت إلى حالة شريفة وسبب ذلك أن الطريقة الإلهية في خلق الإنسان هي أنه جعل عمله وسطاً بين عالم الملائكة وعالم الشياطين فقد خلق الله الملائكة بحيث لا يصدر منها إلا الخير ولا تغفل لحظة وهي تذكر الله دائماً وجعل الشياطين متمكنة من الشر بحيث لا تذكر الله لحظة وخلق الإنسان بحيث أنه متمكن من الخير والشر كليهما وهو حيناً غافل وحيناً ذاكر لله, نعم يستطيع بواسطة الكسب والمجاهدة أن يتمحض في الخير كالملائكة لا تعتريه غفلة أبداً .
وسؤال حمران هذا دليل على أن مجالسة أصحاب اليقين والصالحين ومصاحبتهم تقضي على الغفلة وتذكر بذكر الله والآخرة وتطرد خطرات النفس ووساوس الشيطان ومن هنا ورد التأكيد في الروايات على مصاحبة الصادقين والصالحين خصوصاً الأئمة عليهم السلام . قال رسول الله صلى الله عليه وآله في جواب أصحابه كذلك فاختلاف حالاتكم ليست نفاقاً لأنكم حيناً بالإيمان تتذكرون وحيناً بوسوسة الشيطان تغفلون وتميلون إلى الدنيا.وأما المنافق فهو عدم إيمان وغفلة دائمين وعلى نسق واحد ومن الواضح جداً التفاوت بين المؤمن الذي يغفل بتأثير وسوسة الشيطان ثم يعوض غفلته بذكر الله وبين من لا يخرج من الغفلة أبداً ورغم أنه إذا استطاع الشخص الحصول على دوام الحضور وبقاء قلبه مع ربه في جميع الحالات على نسق واحد فسيصل إلى المقامات العالية إلا أن الذين تختلف حالاتهم ولا تتساوى ويعوضون غفلتهم بالذكر ومعصيتهم بالتوبة هم أيضاً جيدون بل تقتضي حكمة الله أن يكون أكثر الخلق كذلك لتظهر الغفارية والتوابية واللطف والرحمة والحكم الإلهية الآخرة ولهذا ومن أجل تسلية المذنبين وبشارة التوابين قال رسول الله صلى الله عليه وآله في آخر الحديث: " ولولا أنكم تذنبون فتستغفرون لخلق الله خلقاً حتى يذنبوا ثم يستغفروا الله فيغفر لهم "
ومن الجدير بالذكر أن الذنب والغفلة ليسا مطلوبين لله ولا مرضيين عنده بل المطلوب والمقصود هو التوبة والرجوع بعد الذنب فإن فيها حكماً لا تتناهى وأهمها قرب الخالق تعالى لأن القرب لا يتيسر إلا بالعجز والإنكسار والخشوع والإحتقار وبناءاً عليه فالعبادة التي تسبب للعابد رضاه عن نفسه والعجب والغرور هي عبادة تبعده عن ربه فراسخ, وإذا تسبب ذنب بانكسار المذنب وتنكيس رأسه وخجله والتضرع بخشية وبكاء إلى الله الغني فإن ذلك الذنب يصبح وسيلة قربه كآدم أبي البشر الذي بكى بعد صدور " ترك الأولى " ( منه ) عدة سنوات مستغيثاً مقبلاً على الله إلى أن أصبح مختار الباب الإلهي ووصل إلى مقام الإجتباء والنبوة.
والخلاصة: الواجب هو أن يسعى العبد في أن لا يصدر منه ذنب ولا تسيطر عليه الغفلة وإذا ابتلي بالذنب فلا يصبح سيء القلب ويطرق بواسطة التوبة والإنابة باب الرحمة لتفتح له أبواب الخزائن الإلهية ويصبح في النتيجة محبوب الله كما قال تعالى: " إن الله يحب التوابين ".
مقتطفات من كتاب القلبُ السَّليم للسَّيّد عَبْد الحُسَيْن دَسْتغيْب
وفقكم الله تعالى ببركة وسداد اهل البيت عليهم السلام
(يا علي يا علي يا علي (33))
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين
ذكر المحقق الجليل الشيخ محمد صالح المازندراني المتوفى عام 1081 ﻫ في شرح هذا الحديث مطالب قيّمة تذكر هنا خلاصتها:
عندما رأى حمران أن حالته في الخلوة لا تطابق حالته بين يدي الإمام عليه السلام خاف وتخيَّل أن هذا دليل على نفاقه وظن أن تلك الرقة وذلك الخشوع الذي يحصل له أثناء موعظة الإمام عليه السلام يجب أن ترافقه في كل مكان وفي جميع الحالات ليكون من أهل الصدق فأجابه الإمام بأن القلوب تارة تصعب على قبول الحق وتارة تسهل وليست دائماً على نسق واحد. فإذا صعبت أعرضت عن الحق ووصلت إلى حالة منحطة وإذا سهلت لانت وأقبلت على الحق ووصلت إلى حالة شريفة وسبب ذلك أن الطريقة الإلهية في خلق الإنسان هي أنه جعل عمله وسطاً بين عالم الملائكة وعالم الشياطين فقد خلق الله الملائكة بحيث لا يصدر منها إلا الخير ولا تغفل لحظة وهي تذكر الله دائماً وجعل الشياطين متمكنة من الشر بحيث لا تذكر الله لحظة وخلق الإنسان بحيث أنه متمكن من الخير والشر كليهما وهو حيناً غافل وحيناً ذاكر لله, نعم يستطيع بواسطة الكسب والمجاهدة أن يتمحض في الخير كالملائكة لا تعتريه غفلة أبداً .
وسؤال حمران هذا دليل على أن مجالسة أصحاب اليقين والصالحين ومصاحبتهم تقضي على الغفلة وتذكر بذكر الله والآخرة وتطرد خطرات النفس ووساوس الشيطان ومن هنا ورد التأكيد في الروايات على مصاحبة الصادقين والصالحين خصوصاً الأئمة عليهم السلام . قال رسول الله صلى الله عليه وآله في جواب أصحابه كذلك فاختلاف حالاتكم ليست نفاقاً لأنكم حيناً بالإيمان تتذكرون وحيناً بوسوسة الشيطان تغفلون وتميلون إلى الدنيا.وأما المنافق فهو عدم إيمان وغفلة دائمين وعلى نسق واحد ومن الواضح جداً التفاوت بين المؤمن الذي يغفل بتأثير وسوسة الشيطان ثم يعوض غفلته بذكر الله وبين من لا يخرج من الغفلة أبداً ورغم أنه إذا استطاع الشخص الحصول على دوام الحضور وبقاء قلبه مع ربه في جميع الحالات على نسق واحد فسيصل إلى المقامات العالية إلا أن الذين تختلف حالاتهم ولا تتساوى ويعوضون غفلتهم بالذكر ومعصيتهم بالتوبة هم أيضاً جيدون بل تقتضي حكمة الله أن يكون أكثر الخلق كذلك لتظهر الغفارية والتوابية واللطف والرحمة والحكم الإلهية الآخرة ولهذا ومن أجل تسلية المذنبين وبشارة التوابين قال رسول الله صلى الله عليه وآله في آخر الحديث: " ولولا أنكم تذنبون فتستغفرون لخلق الله خلقاً حتى يذنبوا ثم يستغفروا الله فيغفر لهم "
ومن الجدير بالذكر أن الذنب والغفلة ليسا مطلوبين لله ولا مرضيين عنده بل المطلوب والمقصود هو التوبة والرجوع بعد الذنب فإن فيها حكماً لا تتناهى وأهمها قرب الخالق تعالى لأن القرب لا يتيسر إلا بالعجز والإنكسار والخشوع والإحتقار وبناءاً عليه فالعبادة التي تسبب للعابد رضاه عن نفسه والعجب والغرور هي عبادة تبعده عن ربه فراسخ, وإذا تسبب ذنب بانكسار المذنب وتنكيس رأسه وخجله والتضرع بخشية وبكاء إلى الله الغني فإن ذلك الذنب يصبح وسيلة قربه كآدم أبي البشر الذي بكى بعد صدور " ترك الأولى " ( منه ) عدة سنوات مستغيثاً مقبلاً على الله إلى أن أصبح مختار الباب الإلهي ووصل إلى مقام الإجتباء والنبوة.
والخلاصة: الواجب هو أن يسعى العبد في أن لا يصدر منه ذنب ولا تسيطر عليه الغفلة وإذا ابتلي بالذنب فلا يصبح سيء القلب ويطرق بواسطة التوبة والإنابة باب الرحمة لتفتح له أبواب الخزائن الإلهية ويصبح في النتيجة محبوب الله كما قال تعالى: " إن الله يحب التوابين ".
مقتطفات من كتاب القلبُ السَّليم للسَّيّد عَبْد الحُسَيْن دَسْتغيْب
وفقكم الله تعالى ببركة وسداد اهل البيت عليهم السلام
(يا علي يا علي يا علي (33))