عرض مشاركة واحدة
قديم 12-30-2014, 07:59 PM   رقم المشاركة : 3
نور القائم (عج)
مـراقـبة عامة ( شؤون إدارية )
 
الصورة الرمزية نور القائم (عج)








نور القائم (عج) غير متواجد حالياً

افتراضي رد: هل الدعاء أمر استحبابي في الحياة؟

بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله قاسم الجبّارين، مبير الظالمين، باسم الرسول (ص) وآله الطاهرين، باسم علي أمير المؤمنين (ع)، باسم الزهراء سيدة نساء العالمين (ع)، باسم الحسن والحسين والتسعة المعصومين (ع)، باسم الحجّة(عج) المهدي صاحب القرآن والتأويل.اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين الاشراف وعجل فرجهم يا كريم.




وهنا نشير إلى نقطتين في هذا الدعاء:
أولا: ليس هناك حاجة من حوائج الدنيا، ولا حاجة من حوائج الآخرة؛ إلا وهي مندرجة تحت هذا الدعاء: أنت تريد الرضوان، والرضوان هو أعلى نعم الوجود {وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} يعتبر خير الدنيا.. تريد زوجة صالحة، أيضا من خير الدنيا.. وكل الحوائج المعنوية مندرجة في هذا الدعاء، والرضوان أيضا من حوائج الآخرة.

ثانيا: قد يقول قائل: هل من المعقول أن يعطيني رب العالمين كل هذا الفضل بدعاء لا يستغرق ثلاثين ثانية مثلا؟..
نقول: في هذا الدعاء إجابة على هذا الاستغراب وهذا التساؤل يقول: (أعطني بمسألتي)؛ أي يا رب العالمين أنا لدي سؤال، ليس لدي شيء غيره.. فأنت لا تقول: أعطني بمنزلتي أو بإسلامي أو بإيماني وتقواي، ولكن تقول: (بمسألتي إياك) وأنت إنسان سائل.. وعندما يقرأ هذا الدعاء يعد من مصاديق السائلين.. وبالتالي، فإن رمز الإجابة متحقق في هذا المقام.

وأيضا هنالك دعاء الغريق، عن الإمام الصادق (ع): (ستصيبكم شبهة فتبقون بلا عَلَمٍ يُرى، ولا إمام هدى، ولا ينجو منها إلا من دعا بدعاء الغريق).. قال: تقول: (يا الله!.. يا رحمان!.. يا رحيم!.. يا مقلب القلوب!.. ثبت قلبي على دينك)!.. فحالة الغرق حالة لا توصف، ومن مناجاة الله -عز وجل- لعيسى (ع): (يا عيسى!.. ادعني دعاء الغريق الذي ليس له مغيث).. وادع بالحالة اليونسية بدون خصوصية، فلو كانت هناك خصوصية بآية {وَذَا النُّونِ}، لكان الله -عز وجل- ذكر هذه الخصوصية؛ ولكنه أجمل القول: {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لّا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}.. فهنالك ثلاث ظلمات ألمت بيونس (ع): ظلمة البحر، وظلمة الليل، وظلمة بطن الحوت؛ فالإنسان لا يرى شيئا في هذه الظلمات.. ولكن هل معنى ذلك أن الحالة اليونسية لا نحصل عليها إلا إذا وقعنا في بطن الحوت، وحالة الغريق لا نحصل عليها إلا إذا كنا على مشارف الغرق؟.. لا، ليس الأمر كذلك، ولكن يكفي أن يكون في حالة شبيهة من الحالة اليونسية، أو حالة الغريق، فعبارة: {لّا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} عبارة قوية فيها التجاء.. أما في عبارة (أعطني بمسألتي إياك) مقام استحباب، مقام دلال.. فكيف أعيش حالة الانقطاع؟..

الجواب هو: لنتذكر فقرنا في عالم البرزخ، وفي يوم القيامة هذا أولا.. ولنتذكر البضاعة التي بين أيدينا ثانيا.. مثلا: هناك إنسان لديه رحلة سفر في صحراء قاحلة، وعلى ظهره زاد ووعاء فيه ماء.. هو يظن أن معه كمية من الماء، وسفرة فيها خبز، فإذا قيل له: يا فلان!.. أنزل ما على ظهرك، فهذا الإناء فارغ ليس فيه ماء، وهذه السفرة خالية من أي خبز، ووراءك طريق طويل موحش بعيد؛ فتزود قبل سفرك.. هذا الإنسان سيصاب بالصعقة!.. أنه كيف كان ينوي السفر في هذا الطريق الموحش، وهذا الإناء الذي كان يظن أن فيه ماء هو فارغ من قطرة الماء؟!.. يقول أمير المؤمنين (ع): (آهِ مِنْ قِلَّةِ الزَّادِ، وَطُولِ الطَّرِيقِ، وَبُعْدِ السَّفَرِ، وَعَظِيمِ الْمَوْرِدِ)!.. إذا كان أمير المؤمنين علي (ع) يقول: آه!.. آه!.. فكيف بنا نحن؟.. نحن لا نعلم متى يأتي ملك الموت، فالسفرة إجبارية، والإنسان الذي يفاجأ بقلة الزاد، له مجال أن يرجع ويتزود لسفره.. لكن ماذا لو فاجأنا ملك الموت، فمن علامات آخر الزمان ميتة الفجأة؟!..

فإذن، إن الذي يتذكر هذا السفر الموحش، ويتذكر ما بيده من بضاعة؛ هي حقيقة موحشة.. فالذي يعيش هذا الفقر، والذي يعيش هذه الوحشة، عندما يقول: (أعطني بمسألتي إياك جميع خير الدنيا وجميع خير الآخرة) يرجو أن يعطى له زاد.. فالإنسان الكريم الذي يرى أن هذا الشخص لا ماء له ولا زاد، يصب الماء في قربته، وبذلك يرفع عنه الوحشة والفقر، ويمشي في طريقه.. ورب العالمين خزائنه بين الكاف والنون، {يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ}، {وَيُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا}، {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا}.. هكذا هي سياسة رب العالمين في عباده.

وبالتالي، فإن (أعطني بمسألتي إياك جميع خير الدنيا وجميع خير الآخرة، واصرف عني بمسألتي إياك جميع شر الدنيا وشر الآخرة؛ فإنه غير منقوص ما أعطيت، وزدني من فضلك يا كريم).. هذا العطاء عجيب، وهو جميع خير الدنيا، وجميع خير الآخرة.. إن هذا الدعاء هو أجمع صيغة للدعاء، وربما يكون هنالك ما هو أجمع، نحن لا ندري.. ولكن هذا الدعاء جوهرة في خزانة المملكة، وهو من أغلى الجواهر.. ولكن لعل هنالك جواهر أخرى لم نطلع عليها.

نعرف أن من مقامات النبي وآل النبي، أن هنالك الاسم الأعظم مودع في قلب النبي وآله، يقال أن سلمان الفارسي من غير المعصومين، لعل له حرف أو شي من الاسم الأعظم، وهذا لا يستبعد؛ لأنه في الآية: {قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ}.. وقد يكون الاسم الأعظم هو {بسم الله الرحمن الرحيم}.. وهنا ليس قضية لفظ، ولكن اتصال بحقيقة الاسم نكاد نقطع أن لفظ الجلالة اسم أعظم.. ولكن من الذي يقسم على الله -عز وجل- بهذا الاسم بحقيقة لفظ الجلالة، وليس بكلمة الله كلفظ يتلفظ بها على اللسان؟.. ومع ذلك نلاحظ في بعض الأدعية نقول: (فنسألك به وباسمك الأعظم الأعظم الأعظم الأجل الأكرم، الذي خلقته فاستقر في ظلك، فلا يخرج منك إلى غيرك).. الاسم الأعظم شيء عظيم في قلب النبي وآله، ولكن رب العالمين لم يعط كل ما عنده لحبيبه المصطفى (ص).

فإذن، إن هنالك ما لم يخطر ببال الإنسان من الدرجات والمقامات غير ما ذكرناه.. إذا طلبت من رب العالمين طلبا، وسّع الطلب.. وهذا الطلب جميل (جميع خير الدنيا، وجميع خير الآخرة) وما المانع أن نقول: يا رب، أعطي هذه المزية لكل المؤمنين والمؤمنات.. فالمؤمن همته عالية.. تعالى رب العالمين أن يشبه عطاءه وأفعاله وصفاته بشيء، ولكن تصور هذا المعنى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}.. في عبارة أخرى في أدعية أهل البيت هنالك عبارة جدا بليغة: (فهي بمشيئتك دون قولك مؤتمرة، وبإرادتك دون نهيك منزجرة)؛ أي هنالك إرادة، وهناك قول، وهناك تنفيذ.

الخلاصة: إن الدعاء ليس وسيلة لقضاء الحوائج.. وإن شاء الله نصل للمرحلة الكمالية قبل رحيلنا من هذه الدنيا، وهي أن لا نطلب رب العالمين لأنفسنا، بل نطلب أنفسنا لله عز وجل.. هنيئا لمن كان بهذه المرتبة من القرب لله عز وجل!..
















" شبكة السراج في الطريق إلى الله"

وأسأل الله و أهل البيت عليهم السلام التوفيق و السداد وأن تقضى جميع حوائجكم في الدنيا و الآخرة عاجلاً ببركة و سداد أهل البيت عليهم السلام

( يا علي يا علي يا علي (50))








التوقيع

بسم الله الرحمن الرحيم

الَلهّمّ صَلّ عَلَىَ محمد وآل مُحَّمدْ الَطَيبيِن الطَاهرين الأشْرَافْ وَعجَّل فَرَجَهُم ياَكَرِيمَ..
السلام عليكَ سَيدي ومَوْلاي يا بَقـِيةَ اللهِ في أَرْضِهِ وَرَحْمَةُ الله وبركاته.

فأُطالبكَ يا الهي أن ترزقني شهادةً مُطَهِّرَةً أنا اخترتُها لنفسي كفارةً عن ذنبي، شهادةً قلّ نظيرُها يتفتتُ فيها جسدي و تنال كل جارِحة من جوارحي ما تستحقُّه من القصاصِ و العقوبةِ و بعدها يا ربِّ يصبحُ حتماً أن تسكنني بجِوارِكَ و جِوارِ أولِيائكَ

كن مع الله يكن الله معك

  رد مع اقتباس